توثيق الطلاق إجراء تنظيمي هذه أهميته
_______
بقلم : احمد امين
كاتب و روائى
________
الطلاق فى تعريفه البسيط هو فسخ لعقد النكاح بين الزوجين و إنهاء لتلك العلاقة، إجراء يترتب عليه إعادة لتنظيم الواجبات و المسؤليات القانونية فيما بينهما .قرار مصيرى وصفه رسول الله فى حديث شريف بكونه أبغض الحلال عند الله لما يعقبه من أثار سلبية تتحملها الأسرة . إننا نتعامل مع حدث رغم إجازته من الله عز و جل و عدم تحريمه وُصف بأنه ليس بالبغيض بالنسبة إليه سبحانه و تعالى فحسب بل الأبغض و الأكثر كرها ، و رغم ذلك كله مازلنا نتعامل معه برعونة و إستخفاف و عدم تقديره حق التقدير . كاتب كبير ك”مورجان روبرتسون” صاحب رواية “العبث” الرواية التى تنبأت بغرق السفينة تيتانيك و بالأسباب ذاتها التى أدت لغرقها قبل حدوثها بأربعة عشر عام يقول : “إن ترقى الشعوب و تأخرها يتحدد بحسب تقديرها للعلاقة الزوجية و إحترامها لها”. و نحن لا ننكر أن التوثيق القانونى للزواج الذى إِسْتُحْدث فى ثلاثينات القرن الفائت قد ساهم فى صيانة الحقوق المتبادلة بين.الزوجين كحق الزوجة فى السكن و النفقة و مؤخر الصداق و حق الاولاد فى النسب و ضمان الرعاية و حق الزوج فى الحصول على ما أُحِل له و ذلك من خلال قوانين إستندت إلى الأحكام الشرعية الموجودة فى كتاب الله و فى السنة النبوية الشريفة . فالزواج علاقة إجتماعية و إنسانية إستثنائية لأنه المنظومة التى ستقام من خلالها أهم مؤسسات المجتمع و هى الأسرة و لذلك عندما أراد الله أن يبين لنا مدى أهميته عبر عنه فى القرأن الكريم بأنه ميثاق غليظ أى عهد ثقيل بين الزوجين ، وصف بليغ يؤكد المسؤليه الملقاه على عاتق من إتخذ قرار كهذا رغم حث السنة لكل فرد مسلم على الزواج و إعتبار هذه الخطوة بمثابة إستكمال هذا الفرد لنصف دينه . لكنه مسؤلية وصفت بالميثاق الغليظ . إن أهم دور للدولة هو تنظيم العلاقة بين أفرادها من خلال قوانين تحميهم و تحافظ على حقوقهم و هذا هو صميم إختصاصها ، و حرصها على توثيق عقد الطلاق بشكل قانونى هو إجراء تنظيمي بحت إجراء لا يحرم حلال و لا يحلل حرام ، فطالما حدث الطلاق وجب توثيقه ليثبت فى سجلات الدولة و تتعامل معه السلطة القضائية حسب الأثر الشرعى المترتب عليه . إن وجود إتفاق مجتمعى مسبق على توثيق الطلاق كتابيا فى سجلات وزارة العدل لإعتراف الدولة به ليس إجراء تنظيمي فحسب بل إجراء وقائى أيضا يضمن جدية متخذه و عدم إستخفافه به كما يحدث غالبا و وضعه أمام مسؤليته تجاه أسرته و مجتمعه و قبل ذلك أمام ربه و سيساهم مؤكد بالحد من التلاعب بالمقاصد و النية من أجل التحايل لإستمرار المعاشرة بين الزوجين حتى لو فى الحرام بحجة الحفاظ على الأسرة و إستمرارها بالتدليس حتى لو كان ذلك يغضب الله . فهل مشكلتنا هى وقوع الطلاق اللفظي من عدمه أم أن المشكلة هى الحفاظ على سلامة هذه العلاقة و الحفاظ عليها قدر المستطاع وفق حدود الله و غلق كل سبل التحايل عند إتخاذ قرار الطلاق لإستمرار العلاقة بشكل محرم يغضبه تعالى .