تاريخ مصر المعاصر فى فن الرواية عند “أحمد أمين”
_________
بقلم : حنان حسن
ناقدة وشاعرة مصرية
________
فى حديثه عن روايته الاولى” الاحق بالجنة” التى بدأ فى كتابتها عام 2005 ذلك العام الذى يراه الروائى “أحمد أمين” عام مهم و مفصلى فى تاريخ مصر الحديث سيؤثر على مستقبلها و يكون له أثره البالغ على مجريات الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية بها ، و الذى تمكن فيه الاخوان من الحصول على 88 مقعد بمجلس النواب المصرى و محاولاتهم المستميتة لتضخيم الأزمات بداخله لخلق حالة من الغضب الشعبى و عدم الرضا على الأداء السياسى فى البلاد ،
“أحمد أمين” يؤكد أن الرواية بتعريفها المبسط هى إتجاه أدبى لكتابة التاريخ . و إن الأحداث التى يصنعها شخوصها هى البطل الرئيسى لها . فى الرواية المكونة من عشرين فصل ، يتحدث فى كل فصل بطل من أبطالها عن نفسه بصدق كما يعرفها هو ليس كما يعرفها الاخرون ، سأتناول فى هذا المقال تناول شخصيتان منهما أعتقد أنهما الأهم الشخصية الأولى هى : ” سعيد مطاوع” القيادى الأخوانى و الثانية هى شخصية “أم السيد” المرأة البسيطة الكادحة .
” سعيد مطاوع” ذلك الشخص الذى يسعى دوما إلى إختلاق الخلاف و الفرقة بل و التخوين بينه و بين كل صاحب رأى أو فكر مغايير لأفكاره و أراءه . و يعتمد من بداية الرواية إلى نهايتها كى ترجح كفته على إفتعال الصدام و الإحتدام ليثبت للجميع أنه هو وحده المنشغل بهمومهم و الساعى للحفاظ على حقوقهم و مصالحهم ، يستغل درايته الجيدة بالدين و حفظه لكتاب الله لكسب ثقة الناس و دغدغة مشاعرهم ، إنها التوليفة الإخوانية للسيطرة و التمكين و التى طالما نجحت فى كسب ثقةة الكثيرين كما تظهرها الرواية وقتها و للأسف دائما ما تنجح .،
الشخصية الثانية هى شخصية ” أم السيد ” ، السيد الذى أراه رمز للمواطن المصرى الذى يفترض أن يكون دوما سيدا و أمه هنا هى رمز للوطن الذى يحتضنه و المهموم بحاله ، الرواية التى تصف ” مصر ” بالجنة تؤكد أن الأحق بها هو من يعمل جاهدا من أجلها لا من أجل نفسه . و تتوقع فى حينها أن ” مصر” ستتحمل الكثير كتابعية لما حدث .. أما رواية ” غسيل وسخ ” و التى صدرت فى شهر 8 سنة 2010 أى قبل ثورة يناير بأشهر قليلة ، تلك الرواية التى تعدى شخوصها الخمسين شخص و تهاوت فيها اللغة لتقترب من لغة الشارع فى إشارة واضحة إلى حالة التردى التى سادت المجتمع فى كافة نواحيه . فظهرت الرواية بما تحمله من أحداث متلاحقة لتصف بدقة ما وصل إليه المجتمع من إعتلال و سلبية و تخلى أشخاصه عن ثوابته و قناعاته بمختلف طبقاتهم و أطيافهم بصورة تؤكد أن هذا المجتمع يعانى من حالة إحتقان و تأزم و فى حاجة إلى حدث جلل يعيد الأمور المائلة مرة أخرى إلى نصابها . ليفاجئنا الكاتب برواية جديدة فى شهر 4 سنة 2013 بعنوان ” أيام عائشة ” لا تحمل أسماء لشخوصها الكثيرة و كأنهم جميعا فى ظل ما يحدث أصبحوا بلا هوية و لا يوجد بين الأبطال أى حوار و كأن الناس بات لا حوار بينها . الرواية تكشف رؤية المتطرف لمفهوم الدولة المدنية الحديثة و كيف يرى نفسه غريب بداخلها . و تبرز صراع شرس على ميراث ثقيل بين أخ و أخيه و توضح أيهما الأحق بحمله على عاتقه و إدارته . أما رواية ” الإعتقاد” و التى تنبأت فى 2019 بحدوث حدث عالمى جلل سيجبر مطارات العالم و موانيه بإلغاء الرحلات فيما بينها و هو ما حدث بالفعل بعد عدة أشهر من إصدارها بسبب وباء “كرونا” ، الرواية تستحق القرأة الدقيقة لأن الإعتقاد فيها ليس له علاقة بالمعتقد الدينى رغم التركيز فى كل فصول الرواية عليه و لكنه مرتبط بما نظن من وجهة نظرنا أنه أمر يقيني لا يقبل الشك ، فهل دائما ما نؤمن بصحته و نقتنع به هو بالضرورة أمر صحيح أم لا كما تخبرنا الرواية التى سأختم مقالى بهذا الجزء منها
“يتحدث الفتى إلى نفسه متسائلا : نرى الأجسام الثابتة بالنسبة إلينا و هى تتحرك و نرى كثير من الأجسام المتحركة أجسام ثابتة . فهل الأشياء هى من تلح لتخدعنا أم أعيننا أم قوانين الحركة التافهة أم الذى يخدعنا هو الوهم الذى ترقى إلى مرتبة الإعتقاد ؟ “