مقالات

يا عزيزي كلنا فاسدون .

. بقلم/ السيد فتيحة
==============================
لا أدري لو قُدّر لي يوما أن أمسك منصبا من فئة معالي كذا فهل سأكون فاسدا آم لا ؟
وهل سيتجرأ زميلي حينها معالي رئيس المكافحة على وصفي بالمفسد ؟!!
أم أن الزمالة التي ستربطني به يومها ستجبره على غض الطرف عني والاتجاه إلى موظفي إدارتي الصغار والتنكيل بهم.
أنا الآن مجرد موظف عادي وليس لدي أي فرصة للفساد بمعناه المتعارف عليه
وليس من صلاحياتي توقيع عقد بالملايين ولا الإشراف على أي مناقصة أو حتى التعاقد مع خبير ولا حتى مدرب لياقة أجنبي .. الخ
كل ما يمكن أن أفسد فيه أشياء بسيطة
مثل ماكينة تصوير عملي التي أستغلها أحيانا لتصوير صفحات من كتاب الطهي لزوجتي الفاسدة .. التي لا تحترم حقوق مؤلفة الكتاب الفاسدة .. التي سرقت أغلب الطبخات من صفحات الفيس الفاسد .. كما أقوم بتصوير بعض نماذج الاختبارات لأبنائي المفسدين الذين استطاعوا إقناع مدرسهم الفاسد بتزويدهم بمجموعة من الأسئلة التي لن يخرج عنها الاختبار
كما أنني أستخدم هاتف العمل في عمل مكالمات على جوال عامل الاستراحة الفاسد المقيم بصورة غير نظامية لكي يجهز لي الفطار والشاي والقهوة خلال وقت العمل
إضافة إلى أنني أمارس الكذب مع المواطنين حيث أخبرهم بأن زميلي الفاسد في الحمام
او اجتماع بينما هو خارج المكتب في الطريق إلى لطبيبه الفاسد ليمنح زوجته الموظفة الفاسدة تقريرا طبيا مدفوع الثمن لغيابها لمدة أسبوع قضته مع اصدقائها الفاسدين في الساحل الشمالي
في الحقيقة .. لا أدري إن كنت بوضعي الحالي هدفا سهلا للفساد .. أم أن فسادي من النوع المتفشي والمتعارف عليه ويمارسه الجميع حيث إنه لم يعد يسمى فسادا لدرجة أن موظفي مكافحة الفساد أنفسهم يمارسونه
كما أنني لا أدري إن كان يجوز لنا أن نطلق على من يسرق الملايين مفسدا أم لا
بحكم أننا بالتأكيد سنفعل ما يفعله لو كنا مكانه ولن نتورع عن ذلك . فمن المؤكد أن من يسرق ورقة تصوير سيسرق مليونا ومن يسرق مكالمة من تليفون عمله سيسرق سنترالا كاملا اذا اتحيت له الفرصة
ومن يحصل على تقرير طبي مزورا سيزور تقريراً باستلام مشاريعا لم تنفذ أصلا
ومن يتستر علي زميلا له وهو في بيته . سيتستر علي خراب مؤسسة بالكامل
الفاسد فاسد .. سواء كان يسرق الملايين أو يسرق ورقة تصوير أو يسرق وقت العمل والفرق بين هذا وذاك .. أن هذا وجد مالا يسرقه وذاك لم يجد مالا فسرق ما يظنه أقل ضررا بينما هو أكبر تأثيرا
في كلتا الحالتين فإن الفساد من وجهة نظري لا يمكن أن نحصره في شخص معين يمسك منصبا.. فالفساد مثل الفيروس يوجد في البيئة الصالحة له لتكاثره
فكما أن الفيرس يعيش في الجسم الضعيف قليل المناعة فإن الفساد ينتشر في البيئة ضعيفة القوانين وقليلة الرقابة
فالقانون الذي لا يضعه معالي الوزير قانون فاشل …والرقابة التي لا يكون رئيسها معالي كذا رقابة فاشلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى