(الثائر الصغير)
(الثائر الصغير)
متابعة جهاد نوار
وجوه مشرقة
قصة قصيرة بعنوان
(الثائر الصغير) بقلم الكاتبة سارة نعمان
من مواهب محافظة دمياط،
تجلس تلك الطفلة ذات الست سنوات بجوار أخيها ثائر، ذلك الشاب الذي يبلغ من العمر خمسة عشر عاما، إنه في بداية ريعان الشباب، وهو يملك من الشجاعة ما لا يملكه كثير من الرجال الأشداء.
جلس وأخته حوراء خلف صخرة كبيرة لتحميهم من تلك القذائف التي تحرق الأخضر واليابس، احتواها بذراعيه الحانيين يحميها من لهيب النار وَوَيْلات الحرب.
تكلمت حوراء في صوت مرتجف: دعنا يا أخي نبحث عن مكان أكثر أمانا من هذا المكان.
تبسم ثائر في وجهها آخذا بيدها يبحثان عن مكان آخر يوفر لهما قليلا من الدفيء الأمن الذي حرمه أهل تلك البلاد.
وبعد برهة من الزمان وجدا جدارا من بقايا بيت قصف بنيران الظلمة الأشرار، فما إن وصلا إليه حتى بسط ثائر معطفه لتجلس عليه أخته حوراء ولا تنفذ إليها برودة الأرض فتؤذي جسدها الصغير.
فما إن فرشه لها حتى أفزعهما صوت ينزع الروح من الجسد من هوله، ورأيا بأعينهما نيرانا تصعد إلى السماء ودخان يعمي الأبصار، صراخ وعويل هنت، وبكاء ونحيب هناك، صرخات وآلام، فما كان منه إلا أن شد إليه أخته يحتضنها.
وإذ بهما يخرج إليهما ذئب بشري يوجه إليهما سلاحه، فقام إليه ثائر لا يخاف مقدار شعرة قائلا: أيها الصهيوني الخبيث، يا قاتل الأطفال، أخذتم أرضنا وحطمتم ديارنا، قتلتم أمي وأبي، سآخذ بثأري منكم سوف انتقم منكم.
ثم تقدم ثائر في شجاعة وإقدام ممسكا بيده حجرا، فما إن رأى ذلك الجبان الحجر بيده حتى ولى هاربا ولم يعقب.
هدأت نفس ثائر والتفت لأخته باسما وقائلا: هيا بنا يا حبيبتي هذا المكان لم يعد آمنا.
وبينما يمشيان يرى مجرما منهم يمسك بامرأة حامل، فوثب عليه ثائر وضربه، فطرحه اللئيم أرضا ثم أطلق عليه رصاص الموت، فأمسى شهيدا، والتحق بالرفيق الأعلى.
ذرفت أخته الدموع لا تصدق هل فقدت أخاها؟
ثارت نيران قلبها وأمسكت برمال ترميها في وجه ذلك الجبان وظلت تبكي أخاها طويلا.
بقيت هذه الطفلة وحيدة لا أب ولا أم ولا أخ تفيض عيناها بالدموع ويتفطر قلبها حزنا، تمشي خائفة.
كانت ممسكة بديمتها، وسارت مسافة طويلة حتى تجمدت أطرافها من البرد وجف حلقها فلم تشرب ولم تأكل منذ أيام، ثم وجدت شجرة فأسندت ظهرها إليها، ثم أسلمت روحها إلى النوم، ذلك النوم الأبدي؛ لتجتمع بعائلتها عند الرفيق الأعلى.