ثقافة وفن

من نافذة التاريخ!! ذو القرنين،،هل هو الاسكندر المقدوني؟!

 

بقلم العالم الأثري / حامد نور

المقال الثاني.
الفكر الفلسفي وعقيدة للاسكندر!!

بادئ ذي بدء يجب التنويه بان الغرض من هذه الدراسة،لن يكون الجزم او التكهن بان ذو القرنين هو الاسكندر الاكبر، لكن القصد هو الاجابه عن السوال- كما اسلفنا – في المقال الاول،
لماذا رشح بعض السلف الصالح الاسكندر علي انه ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم؟

من الملاحظ ان القران الكريم لم يذكر ذي القرنين او يصفه بانه نبي او عبد صالح!!! كما وصف من قبله الخضر بصلاح العبودية كما جاء في سور الكهف (عبدآ من عبادنا آتينه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما).
لكنه كني ذي القرنين بصفات ثلاث!

الاولي، اعطاه التمكين في الارض.!!!
ومنحه الاسباب التي تجعله يوطد بها ملكه (إنا مكنا له في الارض وآتينه من كل شيئ سببا) الكهف. والسبب “سببا” هو وسيلة توصل الي غاية وهي النتيجة في نهاية الامر، مثل قولنا ” تعددت الاسباب والموت واحد” فالوسائل التي تفضي الي الموت كثيرة”منها القتل ومنها الغرق ومنها السكته القلبية” الخ.

والثانية اقامة العدل بين الناس (إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا).الكهف

والصفة الثالثة هي العلم الممزوج بالخبرة (مامكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما). وهو علم الكيمياء بالتقريب (قال أنفخوا حتي إذا جعله نارآ قال أتوني أفرغ عليه قطرا).

وهنا اتبع ذو القرنين الاسباب اي الوسائل فاتبع العلم والمعرفة للوصول الي الغاية!!!.
والامور المادية ماهي الا وسائل لتقصي الحقيقة وهي المعرفة.!

🏟 نأتي لفكر الاسكندر الذي ارتوي من فيلسوف اليونان “ارسطو طاليس” معظم ثقافاته.
نجد ان فلسفة ارسطو اساسها ،” تقصي الحقيقة هو اصل منهجه.
وبالطبع ان الفترة التي رافق الاسكندر الاكبر فيها استاذه ارسطو الذي تعلم منه مدة تقدر ب -ثماني سنوات – بلاشك كافية لتلقي العلم.

واذا رجعنا لفكر ارسطو نجده يقول ” ان المعرفة تنتج من صلة التفكير بالاراء، ثم الصلة بين هذه الاراء والنتائج . فاذا وقفت حواس الانسان علي شيئ، فانه يكتشف صفات هذا الشيئ، وبعد ذلك ياتي الحكم في كونه انه كذا!! ثم يقارن هذا الفكر بالمحسوس الذي يراه ، فيكون الشيئ طبقا للنتائج منزلا مثلا او مصنع او خلافه حسب الصفات والمعطيات.
وهنا يذكر الدكتور مصطفي غالب عنه ” يرجع ارسطو ان ايمان الناس بالله يرجع الي التأثير العظيم الذي يتركه في نفوسهم عظم العالم المخلوق وقوانينه المحكمة “.

ورأي ابن رشد كما ذكرنا في المقال الاول ” ان مذهب ارسطو اذا فهم علي حقيقته لم يتعارض مع اسمي معرفة يستطيع ان يبلغها الانسان “.

🏟 لسنا هنا بصدد تقييم المنهح الفلسفي لارسطو طاليس او الوقوف الي جانبه ،او التاكيد بان ذي القرنين هو الاسكندر!!!
لكن الهدف تحديد بعض الظلال علي فكر الاسكندر ومعتقداته التي كان يؤمن بها, فتكون لدينا معطيات، ربما تجيب علي السؤال المطروح سلفآ . وهو
مالذي دفع بعض السلف الصالح لتقديم الاسكندر المقدوني علي انه ذو القرنين المذكور في القران الكريم؟؟!! ”

البيد ان هنا توضيح واجب !!! انك من الصعب ان تجد احدآ يكتب عن معتقدات الاسكندر ثم يدعي انه يستند في اقواله علي مصدر تاريخي مؤكد ،!!!
حتي العملة التي جعلت العرب يعرفونه من خلالها. وهو يرتدي فيها قرنين فوق راسه.
فلم يثبت ان الاسكندر صك عملة عليها صورته اثناء حياته او صنع تمثالا لنفسه في صورة اله!! فكل ماوصلنا كان بعد رحيله. والدليل مقصورته بمعبد الكرنك!!! فهي من عمل فيليب ارهيديوس.

🏟كان الاسكندر كما ذكر عنه المؤرخ “إريان”في خطاباته العسكرية يتحدث عن قدرة إله الكون، في تسجيله لانتصاراته
كما ذكر في انتصاره علي الفرس قوله :
” الله نفسه جعل داريوس – حاكم الفرس- يترك الارض مفتوحة ويحكر جيشه العظيم في مكان ضيق فقد اتخذ مسؤلية العمليات لصالحنا”.
وهنا لاينسب الاسكندر لنفسه النصر وهو البطل والمحارب المقدام الذي لم يهزم في معركة خاضها من معاركه الحربية علي مدي تاريخه العسكري.

ولم ينسبه لإله من الهة اليونان او يسميه باسم اي من آلالهه التي كان يؤمن بها اهل مقدونيا.
كما فعل رمسيس الثاني عندما نسب نصره للاله امون في احد معاركه قائلا: ” عندما تفرق جندي ظهر لي امون فكان النصر حليفي وقهرت اعدائي “.
لكن الاسكندر نجده هنا ينسب النصر الي الله تعالي. وهو من وجهة نظره لم يفعل شيئ في هذا النصر سوي مشيئتة القادرة!!!!
كما نسب ذو القرنين الفضل والقدرة لله في القران الكريم كما جاء في الاية (فهل نجعل لك خرجا علي ان تجعل بيننا وبينهم سدا، قال مامكني فيه ربي خير).

الواضح من قراءة فكر الاسكندر الفلسفي والعقائدي انه كان يختبر الاديان!!! حسب المعايير التي يؤمن بها، ليري مايفعله الدين الصالح.!!! وهذا ماحدث مع ابراهيم عليه السلام عند رؤيته للكواكب والقمر والشمس وهو في مرحلة البحث عن الهداية.!!!

ويذكر عنه المؤرخ ” بلوتارخ” وهو احد رواة التاريخ القديم. انه عندما ازمع الاسكندر في غزو الشرق،- بلاد الفرس- والقصة المعروفة “بكاهنه معبد دلفي ” المعبد المخصص لاله الحرب والعواصف “ابوللو “وكانت الكاهنة تدعي بيثيا، كانت عرافة مشهورة ومشهود لها بالتنبؤ بالمستقبل وكان يتم استشارتها في المهام الكبري.

زار الاسكندر المعبد الواقع في وسط اثينا علي قمة جبل في يوم يوصف بالايام المشؤمة،” والايام المشؤمة هي الايام التي لاتستطيع الكاهنه التنبؤ فيها لاحد” لكن الاسكندر طلب من العرافة الاستشارة حتي يبدأ حروبه، الاانها رفضت الكلام فلا يحق لها ان تقول شيئا في هذا اليوم.!!!

ولأن الملك الشاب كان متحمسآ جدا لمشورتها في حربه فأحلامه لاتقف عند توحيد مقدونيا فقط بل يريد ان يملك العالم بأسره.
فصعد الملك الشاب بنفسه الي المعبد وقابل العرافة وجرها بالقوة الشديدة من خلفه، وهو مازال في صعوده، حتي صرخت معبرة عن قسوة الموقف وقوة الاسكندر.
قائلة: انت لاتقهر يابني!!!!ثلاث كلمات بثت بها شفتيها.!!!

وعند هذه الجملة ، توقف الاسكندر وتركها في الحال هي وشأنها،وهم مغادرا وهو يقول :انا لا احتاج شيئآ آخر!!!!
وبدأ بعدها سلسلة حملاته المنتصرة علي الفرس وبقية ممالك العالم حتي وصلت جيوشه وحدود امبراطوريته الي بلاد الصين.

🏟مالذي دفع الاسكندر لزيارة معبد امون بواحة سيوة بعد ان استولي مدينة الاسكندرية ودانت له مصر.؟؟!! بالرغم من بعد المسافة التي تقدر باكثر من 400 كم!!!

ولماذا اصر الاسكندر علي دخول معبد مدينة صور بعد ان دانت له المدينة وكان احد شروط تسليمها ، الا يدخل معبدها، مما احدث ثورة شديدة عليه من سكانها؟!!

من هم “المتطيلسون” الذين اخبر عنهم عمرو بن العاص عندما بعثه رسول الله صل الله عليه وسلم الي مدينة الاسكندرية؟
المقال لايتسع لكل ذلك ونناقش ذلك في طرح لاحق ان شاءالله.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى