جارديانا النيل و حديث المساء

بقلم جهاد نوار
إنَّ من أسوأ ما يقابل الكاتب هو عدم فهم البعض لحقيقة شخصيته خاصة إذا كان من الكُتاب الحالمين ذو النظرة الروحية الشفافة
و التى تمتد للأفق دوما،دون انقطاع،حتى فى أسوأ حالاته.
فقلمه و مِداد محبرته هما فقط متنفسه الوحيد الذى يخرجه من عالم اللاوعى إلى الفضاء الرحب ليعبر عن مكنون ذاته.
فهما أدواته المُطيعات فى مُداواته من كل أوجاع الحياه له و لأحبته.
و ليس هذا فحسب بل هما المُعين له على امتصاص الصدمات فيمن حوله، و تدارك الشلل المفاجئ له من حدث يهتز له كيانه أو ترتج له مشاعره فيصمت، و لا يملك الصرخات إلا بفتات همسة يُلقيها على أسطر صفحاته.
كى لا يعاتب ،أو يعاقب،و يكفر بما أيقن أنه يوما صواب.
فيأتى رفيق له،و يعاتبه كيف تكتب و نحن حزانا؟! و كيف لك أن تُفكر و نحن مهمومون ألا تحزن لمُصابنا؟ أما تهتم لجروحنا؟! أما،و أما،و السائل لا يعلم معاناة المسؤول
فهو لا يرى بعين الحقيقة .
هو لا يفهم معنى ميلاد الألم داخلنا، و ما يسبقه من أوجاع المخاض التى تثقلنا بثمارالإبداع الناضجة فى التو ،و لا يمكن
أن تظل دون الخروج للنور.
لا يقرأ مَن حوله إلا بعينيه دون عقله و قلبه و لا يفهم إلا بمنطق الأنَا العُلوية و مَن بعدى فلا مكان لهم.
و لو أنه تذكر للحظة أنه يحادث من هو أكثر
الكائنات رقة، رهافة ،و رأفة،و ودا،و مروءة ما فعل.
فلسنا من صدأ الحديد جئنا و لا فيافى الوهم سطعنا،بل بنا تُثمر الوديان و تلقينا كزهرات حِسان،نعانق الأحلام صحوا، و نغفوا على مساءات قمرية حتى، و إن غابت نجومها
و كثيرا ما يكون الألم هو المُفجر لكل تلك الوَخزات الأدبية،و الاستعارات المَرمرية التى تضئ لنا أوقاتنا الحالكة فهى أغلى
ما نملك ،و بها نحيا.
شعر و نثر ، و خاطرة،و مقال،و دمعة حب،أو بسمة شوق مع أنَّة حنين .
تسكننا و تعاهدنا على ألا تفارقنا لوحدة الليالى،و مكر الايام.
موهبة الكاتب هى ثروته الغالية،أغلى من الماسِ و النفوس،و الأرصدة بل هىَّ رصيده الأكثر ثراء.
هى أغلى من الصُحبة،فهى الكائن المعنوى الوحيد المُتصف بالوفاء لصاحبه و هى شئ من أربع لا يمكن أن يتعلمها الإنسان لأنها معه تُولد فثانيهما هو الإحساس و ثالثهما هو الكَرم و الأخير هى الأخلاق.
و صَدق معلمنا محمد طوبار حين كتب لى يوما نصيحة ختمها( بأن الانسان بلا أخلاق كشجرة بلا أوراق..).
و من أسوأ الخُلق هو الكَذب ..الكَذب على الله،و على النفس.