الاجتماعيات

قنبلة البطالة النسائية في مصر: معدلات تقترب من 37% في الحضر!

أزمة بطالة النساء في الحضر تكشف فجوة تمكين اقتصادي متزايدة

 

تقرير: زينب حسن طلبه 

 

مقدمة

 

تشهد مصر تحديات متزايدة في تمكين المرأة اقتصاديًا، فبينما تحقّق تقدّمًا في الشمول المالي وتعليم الفتيات، تواجه النساء معدلات بطالة مرتفعة هي من الأعلى في المنطقة، خاصة في الحضر، مما يكشف فجوة حقيقية بين التحسن الاجتماعي والقدرة الفعلية للمرأة على دخول سوق العمل والحصول على فرص مستقرة.

 

أزمات العمل النسائي تتسع

 

تشير البيانات إلى أن المرأة المصرية تواجه هشاشة واضحة في سوق العمل، إذ تتركز فرصها غالبًا في قطاعات منخفضة الإنتاجية وضعيفة الأجور، وتظل معدلات البطالة النسائية المرتفعة مؤشرًا واضحًا على تعمّق نقطة الضعف في تمكين النساء اقتصاديًا، ورغم تحسّن مؤشرات التعليم، لا تزال مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي أقل بكثير من الرجال، وسط محدودية الحماية الاجتماعية وغياب سياسات مرنة تدعم الأم العاملة، مما يقلل من فرص حصول المرأة على وظائف مستقرة ودائمة.

 

 فجوة البطالة الصادمة في مصر (2024)

 

تكشف بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن مصر تواجه واحدة من أعلى فجوات البطالة بين الجنسين في المنطقة:

بطالة الإناث (1529 سنة): 37.1% من قوة العمل في هذه الفئة، وهي نسبة تعكس صعوبة بالغة في دخول الشابات سوق العمل.

بطالة الإناث في الحضر: 21.8% وهي من أعلى المعدلات المسجلة محليًا وإقليميًا.

بطالة الذكور في الحضر: 6.3% فقط، وتنخفض إلى 2.6% في الريف.

معدل البطالة العام في مصر (2024): 6.6%

→ ما يعني أن بطالة الإناث في الحضر تزيد بأكثر من ثلاثة أضعاف عن المعدل العام، وأربعة أضعاف بطالة الرجال.

هذه الفجوة تكشف واقعًا غير متوازن، حيث يُستبعد جزء كبير من الطاقات النسائية المؤهلة من دائرة العمل.

لقراءة المزيد من التفاصيل

 

 

 

فقر النساء.. ظاهرة تتجدد

تتكدّس عوامل عدة تزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي للنساء في مصر، أبرزها:

التمييز في فرص التوظيف والأجور.

ارتفاع نسب النساء المعيلات وما يترتب عليه من أعباء مضاعفة.

تأثير سياسات سوق العمل على تقليل فرص العمل الآمن للنساء.

محدودية تطبيق أنظمة تأمين الأمومة والطفولة.

هذه العناصر مجتمعة تُبقي ظاهرة تأنيث الفقر واقعًا مستمرًا في المجتمع المصري.

 

قوانين وعادات تعيق التقدم

 

لا تزال المرأة المصرية تواجه تحديات قانونية واجتماعية تحدّ من وصولها إلى الوظائف القيادية، إذ إن بعض التشريعات لا توفر الحماية الكافية، إلى جانب استمرار أنماط اجتماعية تقليدية تضعف فرص تقدمها المهني، كما تساهم صورة المرأة في الإعلام في تكريس أدوار نمطية تحتاج إلى مراجعة جادة بما يتناسب مع متطلبات التنمية.

 

 تراجع مؤشرات التمكين

 

سجلت مصر تراجعًا بنحو 20 مركزًا في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2023، وهو تراجع يعكس:

ضعف المشاركة الاقتصادية للنساء.

فجوات كبيرة في الأجور.

انخفاض تمثيل المرأة في المناصب القيادية.

 نقطة ضوء: قفزة الشمول المالي

حققت مصر تقدمًا مهمًا في الشمول المالي للنساء، إذ ارتفعت نسبة امتلاكهن حسابات بنكية من 9.2% عام 2017 إلى 24.2% عام 2023، لكن هذا النجاح يبقى قاصرًا دون تحسن موازٍ في فرص العمل وإصدار تشريعات أقوى لحماية الأم العاملة.

مسارات مقترحة لتعزيز حضور المرأة اقتصاديًا

 

لتحقيق اختراق حقيقي في وضع المرأة المصرية في سوق العمل، تحتاج الدولة إلى:

تطوير سياسات تنمية المهارات ومواءمتها مع احتياجات سوق العمل.

دعم وصول النساء للتمويل والمشروعات الصغيرة.

مراجعة التشريعات الخاصة بإجازات الأمومة وساعات العمل.

تحسين خدمات الرعاية الصحية والتعليمية والتدريبية للنساء.

تؤكد التجارب الإقليمية أن تمكين المرأة اقتصاديًا ينعكس مباشرة على النمو والاستقرار الاجتماعي.

 

العمل اللائق.. بوابة الاستقرار الاجتماعي

 

يمثل حصول المرأة على عمل كريم ومستدام حجر زاوية في بناء مجتمع أكثر توازنًا واستقرارًا، ومن خلال مواجهة البطالة والفقر والأمية”خاصة في المناطق الريفية”يمكن لمصر تعزيز مسار تمكين المرأة وتحويل الطاقات المعطلة إلى قوة دفع اقتصادية حقيقية.

 

ختامًا إن معالجة “قنبلة” البطالة النسائية في مصر لم تعد خيارًا، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية، فتمكين المرأة من العمل ليس مجرد قضية مساواة، بل ركيزة أساسية للتنمية ودعم قوة الاقتصاد المصري، ولا يمكن تحقيق العدالة الاقتصادية دون مشاركة كاملة وفعالة لنصف المجتمع.

 

لقراءة المزيد من التفاصيل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى