بقلم : جيهان عبد العزيز
عندما كنتُ صغيرًا أضعتُ كُرتي الحمراء، وبحثتُ عنها ولكن دون جدوى ..
فقالتْ لي جدتي رحمها الله: قُلْ اللهم جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمعني بضالتي ..
فقلته، ووجدتُ كُرتي .
كبرتُ الآن يا صاحبي، وعرفتُ أن ثمة أشياء فقدها يفطرُ القلب أكثر من كرة حمراء ..
وها أنا الليلة أضعُ يدي على قلبي وأقول: اللهم جامعَ الناس ليوم لا ريب فيه اجمعني بضالتي ..
ومن فرط غربتي، وفقد الأحبة غُربة، أقول: اللهم اجمعني بي ..
من فرط الحُب يُصبح البعض نحن .
هوِّنْ عليكَ يا صاحبي ..
الغائب سيعودُ يومًا بإذن الله
تذكَّرْ جيدًا كيف عاد موسى عليه السلام إلى أمه .
وكيف رتَّب الله سبحانه أحداث الكون كلها ليعيده إليها ..
جعلَ النهر ساعي بريد ليوصله إلى فرعون
ورققَ قلبَ آسيا عليه لتمنعه من ذبحه
وحرَّم عليه المراضع وها أنا الليلة أفتقدك، وأكاد كأم موسى أُبدي بكَ ..
ولكن الله يربطُ على قلبي فأتماسكَ، وكلي يقينٌ بأنكَ عائدٌ إليَّ ذاتَ يومٍ بإذن الله .
لا تبتئس يا صاحبي ..
الأحبة يلتقون في النهاية ..
تذكَّر فراق يعقوب ويوسف عليهما السلام
حشد مهول عمل على ذلك الفراق ..
إخوة غلاظ شِداد قُساة ..
وسيَّارة يبيعون الحُرَّ عبدًا في السوق
وعزيز مصر يشتريه ..
وزوجته تلقيه في غياهب السجن ..
ثم تبدأ نقطة التحول برؤيا يراها الملك
فيخرجُ يوسف من السجن، ثم يُصبح عزيز مصر ..
ثم يجمع الله الشتيتين برؤيا فقط كانت نقطة التحول؛ فلا تنسَ رؤايَ بك ..
وتذكرني دومًا أمسحُ على رأسك وأرتِّل واقعًا كما في المنام .
لا عليك يا صاحبي ..
ليست المسافات هي التي تُقرِّب أو تُباعد بين الناس، القلوب هي التي تفعل ..
وأنتَ أقربُ من وريدي إليَّ وإن نأتْ بنا المسافات .
كثير من اليقين بالله يا صاحبي، قليل من السعي الذي لا بُد منه، ولو استغنى أحد أن السعي لاستغنت عنه مريم وهي في قمة ضعفها؛ ولكن قد قيل لها: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا ..
وها أنا الليلة أمسحُ على رأسك، وأقول لك: وهزي إليك .
والسلام لقلبك
