غزوة أحد- الجزء الرابع
بقلم/زبيدة الخشت
دافع الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بكل شجاعة وصبر ،فها هو {{ عبد الرحمن بن عوف }} قد قاتل حتى أصيب بعشرين جرحًا، وكانت إحدى هذه الإصابات في فمه حتى تكسرت أسنانه، وكان بعضها في رجله، فكان يعرج بعد غزوة أحد وحاول {{ سعد بن أبي وقاص }} أن يقتل أخاه عتبة الذي كسر رباعية الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لم يظفر به ،فتبعه الصحابي {حاطب بن أبي بلتعة }حتى ضربه بالسيف ضربة أطاحت رأسه، ثم أخذ فرسه وسيفه ،وجاء {{ مالك بن سنان }} فأخذ يمص الدم من جروح النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينقيها، ثم ذهب يقاتل حتى مات شهيدًا .
وقاتل {{ مصعب بن عمير }} قتالًا شديدًا،وكان اللواء بيده،ثم استشهد، وكان الذي قتله هو ابن قمئة، وكان مصعب بن عمير يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم فاعتقد ابن قمئة أنه قتل الرسول صلى الله عليه وسلم فانصرف وهو يصيح ويصرخ : إن مُحَمدًا قد قتل .
شاع خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم،فانهارت معنويات المسلمين وأصابتهم مصيبة عظمى [[ بقُتل النبي !!! ]] ،وبدأ بعضهم في الفرار ، بينما توقف بعض المسلمين عن القتال فقال لهم[[ أنس بن النضر ]] : ما بكم ؟ فقالوا : قُتل رسول الله ، قال: فإن كان قد قُتل، فإن دين الله باق، قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونادى بهم أيضًا{ثابت بن الدَحْدَاح } فقال : إن كان محمد قد قتل، فإن الله حي لا يموت،فقاتلوا عن دينكم، فإن الله مظفركم وناصركم ،فعادت للجنود معنوياتهم في المعركة،
وعادوا يقاتلون ويلتفون حول النبي عليه الصلاة والسلام .
أمّا عن بطولة أنس بن النضر في الغزوة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (( غاب عمِّي أنسُ بنُ النضرِ عن قتالِ بدر، فقال: يا رسول الله، غِبْتُ عن أولِ قتالٍ قاتلتَ المشركينَ فيه،لئن أشهدني الله قتال المشركين ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنع ،فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون، قال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه ، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء ـ يعني المشركين – ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ ، فقال: يا سعد ؛ الجنة وربِّ النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد : إن استطعتُ أن تصنع ما صنعه رسول الله فاصنع )) .
قال أنس : فتقدم عمي وقاتل المشركين قتالاً عنيفاً حتى استشهد رضي الله عنه” ووجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وقد مَثَّلَ به المشركون، فما عرفه أحد منا إلا أخته ببنانه (أصبعه)، وقال : كنا نرى أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } .
بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الانسحاب المنظم إلى شِعب من شِعاب جبل أحد [[ وقد قلنا إن الشعب هو الطريق بين الجبلين، وكان من أسباب اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الموضع في أحد، هو أن يكون في الجبل مكان آمن يمكن أن ينسحب إليه المسلمون إذا وقعت الهزيمة بهم، ولا يلجؤون إلى الفرار من أمام العدو، فيتعرضون للقتل أو الأسر]] .
أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون يشقون طريقهم بين المشركين المهاجمين، وحاول المشركون عرقلة هذا الانسحاب، واشتد هجومهم، إلا أنهم فشلوا أمام بسالة الصحابة، فانسحب النبي والصحابة إلى الشِعب ،وفي الطريق إلى سفح الجبل لحق بالنبي [[ أبي بن خلف شقيق أمية بن خلف ]] حيث كان يقول للنبي في مكة : يا محمد، أنا أقتلك متى شئت من باب الاستهزاء والاستخفاف، يعني أنت في متناول اليد متى أردت قتلك ، فيردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله فرماه النبي بحربة أصابت عنقه، ثم قال عليه الصلاة و السلام : ” اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .”
__________
وإلى اللقاء وجزء جديد إن شاء الله