مقالات

اليقظة الذهنية

 

 

بقلم أ/جيهان عبد العزيز

 

مفهوم اليقظة الذهنية

اليقظة الذهنية أو الـ Mindfulness

هي ببساطة ممارسة الوعي باللحظة الراهنة (الآن)، دون إطلاق أحكام على تجربتك هذه. فهي تتمحور حول البقاء متيقّظًا وواعيًا بكل تفاصيل الآن.

 

تساعدنا هذه اليقظة الذهنية في الاتصال مجدّدًا ببساطة الحياة من خلال عيش اللحظة الراهنة. ومن خلال الوصول إلى هذه الحالة من الوعي، يسعُنا الاستمتاع بحالة من السلام الداخلي.

 

تكمن روعة هذه العادة في أنّها حرفيًا تغيّر طريقتنا في الإحساس بحياتنا وعيشها، لن تحتاج إلى أيّ أدوات خاصّة لممارسة اليقظة الذهنية، فكلّ ما يلزمك هو الوصول إلى “اللحظة الراهنة” أو “قوّة الآن”.

 

ليس عليك السفر إلى الهند في رحلة للتنوّر والبحث عن الذات كي تستطيع ممارسة اليقظة الذهنية كما يجب.

 

كلّ ما عليك فعله في الواقع هو التدرّب على التركيز. الأمر كلّه يتعلّق بتركيز ذهنك على اللحظة الراهنة دون التفكير أو القلق حيال الماضي أو المستقبل.

 

بالإضافة إلى ما سبق، فليس هناك طريقة صحيحة أو خاطئة لممارسة اليقظة الذهنية. ففي الوقت الذي يعتبر جلوس أو إشعال بعض الشموع العطرية جزءًا من عملية التأمّل للوصول إلى اليقظة الذهنية، لكنه ليس أمرًا إجباريًا، يمكنك الجلوس كيفما تشاء حيثما تشاء وفي أيّ وقت تشاء وتراه مناسبًا.

 

أمرٌ آخر غالبًا ما يُساء فهمه حول هذا الموضوع، هو أنّ اليقظة الذهنية، على الرغم من فائدتها العظيمة، ليست حلاًّ فوريًا للتوتر والقلق والاكتئاب أو أيّ مشاعر سلبية أخرى.

 

ما هو الفرق بين اليقظة الذهنية والتأمل؟

التأمل

 

تعدّ اليقظة الذهنية Mindfulness في الواقع شكلاً من أشكال التأمل Meditation. حيث أنّ هناك العديد من أنواع وأنماط التأمل تشمل على سبيل المثال:

 

التصوّر Visualization.

التأمّل التجاوزي Transcendental.

التأمّل الحركي Movement meditation.

تأمّل المانترا Mantra meditation.

لكن اليقظة الذهنية تختلف عن هذه الأنواع، إنّها تقنية من تقنيات التأمّل التي توجّه تركيزك فيها نحو “الآن” أو “اللحظة الراهنة”.

 

هذه الحالة العليا من الوعي ما هي في الواقع إلاّ شكل من أشكال التركيز. إنّها تتمحور حول تعميق فهمك لذاتك، تعزيز إحساسك بالتعاطف والاستمتاع بالحاضر.

 

ثانيا: أهمية اليقظة الذهنية

تمنحنا اليقظة الذهنية لمحة عن اللحظات المهمّة حقًا في حياتنا. إذ بدلاً من محاولة قتال مشاعرنا أو تغييرها، يمكننا الوصول إلى حالة من السلام الداخلي عن طريق تقبّل الذات غير المشروط أو المرتبط بإطلاق الأحكام.

 

الرغبة في تغيير الأشياء هي في الواقع فطرة إنسانية. فنحن في كثير من الأحيان أسرى للمشاعر، المُلهيات والحوارات الداخلية في أعماقنا، ممّا يعني أنّنا لسنا حقًا أحرارًا، ممّا يتسبّب في مشكلات حقيقية خطيرة.

 

لماذا؟

 

لأنّ هذه التصرّفات تُبعدنا كثيرًا عن الحاضر، فلا نصبح واعيين باللحظة الراهنة كما يجب.

 

إنّنا دائمًا منشغلون بأزمة السير، بما نحقّقه من دخل مادّي…نفكّر كثيرًا فيما إذا كنّا سنحصل على الترقية التي نحلم بها، أو إن كنّا سنتمكّن من إتمام المهمّة التي تمّ تكليفنا بها من قبل مديرنا في العمل.

 

كلّ هذه الأفكار والمشاغل تُنسينا ما يدور حولنا، لكنّ اليقظة الذهنية تُعيدنا من جديد إلى “الآن” وتساعدنا على التحكّم في مشاعرنا وردود أفعالنا.

 

فوائد اليقظة الذهنية

على الرغم من أن اليقظة الذهنية أو الـ Mindfulness مطبّقة وشائعة الانتشار في ثقافة الشرق منذ آلاف السنين، غير أنّه لم يتمّ الاعتراف بها في عالم الطبّ الحديث إلى خلال سبعينات القرن الماضي، ومن حينها شهد هذا المفهوم تطوّرًا واسعًا وقفزة كبيرة حقًا.

 

في يومنا هذا، يتمّ علاج الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية باستخدام تقنيات اليقظة الذهنية والتي أصبح يُطلق عليها: “العلاج المعرفي القائم على اليقظة” أو “Mindfulness-Based Cognitive Therapy” باللغة الإنجليزية، ومن هذه الأمراض والمشاكل، نذكر الآتي:

 

التوتر والقلق.

الإرهاق.

الآلام المزمنة.

بعض من أنواع السرطانات.

 

منافع اللحظة الراهنة

 

سبق أن ذكرنا بأن من أهمّ أهداف اليقظة الذهنية الوصول إلى مرحلة التركيز على “الآن” أو اللحظة الراهنة. لكن ما فائدة الوصول إلى هذه المرحلة حقًا؟

 

فيما يلي بعض من هذه المنافع والمميزات:

 

تحسين ورفع مستوى الوعي بالذات.

هي مهارة يمكن لأيّ شخص أن يطوّرها.

خلق شعور بالسلام الداخلي والهدوء.

المساهمة في التواصل من جديد مع أشخاص ربما اعتدنا عليهم كأنهم أمر مسلّم به.

زيادة الثقة بالنفس ورفع مستوى تقدير الذات.

تعزيز مستويات الطاقة والتركيز والإنتاجية.

اكتساب مزيد من التعاطف تجاه نفسك والآخرين.

هو تمرين مجاني للعقل والروح لا يكلّف شيئًا.

دورات عبر الإنترنت

 

ثالثا: تمارين اليقظة الذهنية

بعد أن تعرّفت على المقصود باليقظة الذهنية، واطّلعت على أهمّ فوائدها ومنافعها، قد تجد نفسك الآن متحمّسًا للبدء بتجربة بعض تمارين التأمل في سعي منك للاستمتاع بالآثار الإيجابية المذهلة للعيش في اللحظة الراهنة.

 

بعض تمارين تأمّل اليقظة الذهنية Mindfulness Meditation البسيطة والتي يمكنكم القيام بها في المنزل في أيّ وقت.

 

لكن قبل البدء، يجدر التنويه إلى أنّ الوصول إلى مراحل متقدّمة من اليقظة الذهنية يحتاج لكثير من الصبر والتمرين. إنّها ليست مهارة سريعة قد تكتسبها بين ليلة وضحاها. لذا خذ وقتك في ممارسة هذه التمارين، واستمتع بهذه التجربة الجديدة المميزة.

 

1- تمرين دقيقة اليقظة

1 دقيقة

اتبع الخطوات التالية للقيام بهذا التمرين:

 

اعثر على مكان هادئ يمكنك الاسترخاء فيه.

أغمض عينيك.

حاول التركيز الآن على المكان الذي تشعر فيه بتنفسّك أكثر من غيره. قد يكون ذلك أنفك، أو رئتيك.

احسب عدد أنفاسك لمدّة دقيقة واحدة فقط.

في كلّ مرّة تصل إلى 10 أنفاس. ابدأ العدّ من الواحد مرّة أخرى.

في حال تشتّت انتباهك، احرص على العودة مجدّدًا للتركيز على أنفاسك.

2- تمرين العد التنازلي

 

ويُسمّى أيضًا بتمرينِ 5، 4، 3، 2، 1… يساعدك هذا التمرين على إعادة وعيك سريعًا إلى اللحظة الراهنة.

 

هل يمكنك أن تحزر لماذا أطلق عليه هذا الاسم؟!

 

حسنًا المعلومات التالية قد تساعدك على الإجابة!

 

ركّز انتباهك على الخطوات التالية:

 

5 أشياء يمكنك رؤيتها.

4 أشياء تستطيع الشعور بها.

3 أشياء يمكنك سماعها.

شيئان يمكنك شمّهما.

شيء واحد يمكنك تذوّقه.

طبعًا ركّز على هذه الخطوات خلال اللحظة الراهنة التي تمارس فيها التمرين.

 

دفاتر التلوين

نعم فالتلوين لم يعدّ مقتصرًا على الأطفال وحسب. حيث أنّ هناك علاجًا متخصّصا لمكافحة الإجهاد والإرهاق يُعرف بالعلاج بالفن أو الـ Art Therapy.

 

في هذا النوع من العلاج يتمّ استخدام دفاتر تلوين خاصّة للوصول إلى حالة من التركيز والتيقظ الذهني، ويمكنك أنت أيضًا استخدامها والاستفادة منها لتعزيز تجربتك في عالم الـ Mindfulness.نصائح عملية لإدخال اليقظة الذهنية إلى حياتك

فيما يلي بعض النصائح البسيطة التي تساعدك على إضافة ممارسات اليقظة الذهنية إلى حياتك اليومية، مهما كنت مشغولاً، ومهما كان جدول أعمالك مزدحمًا ومليئًا:

 

اختر نشاطًا تقوم به عادة بشكل يومي، وحاول القيام به بوعي أكبر. ركّز انتباهك على كلّ جانب من جوانبه وكلّ لحظة من لحظات إنجازه.

ابدأ بالتركيز على عملية تنفسّك لمرّتين أو ثلاث مرّات يوميًا.

خلال سيرك، حاول أن تشعر بالأرض من تحتك. ركّز على كيفية تغيّر أنفاسك أثناء المشي وكيفية تحرّك جسدك.

تذكّر، ليس الهدف أن تتقن اليقظة الذهنية من اليوم الأول، وإنما الاعتياد عليها والاستمتاع بها قدر الإمكان.

جرّب أيًّا من تمارين اليقظة المذكورة أعلاه، وحاول جعلها عادة يومية منتظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى