مقالات

التعليم قبل الجامعي، مسئولية مجتمعية

التعليم قبل الجامعي، مسئولية مجتمعية

كتب أ. د. السعيد عبد الهادي، رئيس جامعة حورس 

مشاكل التعليم قبل الجامعي في مصر متعددة ومتشعبة ومتشابكة، وليس لها حل سوي تضافر كل قوي المجتمع وعلي رأسها، المجتمع المدني.

من كان يظن أن مشاكل التعليم قبل الجامعي في مصر سوف يتم حلها بفرد، حتي لو كان الوزير، أو مجموعة حتي لو كانت كل وزارات الحكومة، فعليه أن يزور أقرب مدرسة حكومية إلى سكنه، وسوف يدرك حجم المأساة الحقيقية التي يواجهها التعليم قبل الجامعي .

ببساطة، هناك خلل في كل مكونات العملية التعليمية، المدارس والمعملون والتلاميذ والمناهج وأولياء الأمور ومدراء المدارس وطرق التدريس والامتحانات، كلها أو معظمها بها مشاكل موروثة ، وتحتاج إلى مجهودات جبارة، وتعاون كل الوزارات، وكل فئات المجتمع، وعمل جاد وعلي مدار سنوات طويلة إذا أردنا الإصلاح .

 

في جولة في مدارس محافظة الدقهلية، مع مجموعة من الزملاء في مؤسسة تطوير الدقهلية، وعلي رأسهم المرحومة أ. د. فرحة الشناوي، منذ ٤ سنوات، وأثناء تولي الدكتور طارق شوقي الوزارة، وجدنا أن هناك خللًا مركبًا في كل عناصر العملية التعليمية، وأظن أن الوضع الحالي ليس بأفضل كثيراً عما كان.

المدارس متهالكة، والفصول مكدسة بالتلاميذ، ولا يوجد فناء في معظم المدارس، والمعلمون محبطون، وخاصة كبار السن منهم، وهناك عجز شديد في الأعداد في جميع المدارس، والتلاميذ لايشعرون أن المدرسة تقدم خدمة تربوية أو تعليمية، وتقريبا جميعهم يلتحقون بالدروس الخصوصية، والمناهج صعبة ومعقدة، وكتاب الوزارة لايستخدمه الغالبية العظمي من التلاميذ، وأولياء الأمور ، فقدوا الأمل في المنظومة، وكل منهم بحث عن طريقة لتعليم أولاده بعيدا عن المدرسة، ومدراء المدارس يشتكون من نقص أو انعدام الإمكانات المادية والنقص الحاد في أعداد المعلمين ومن عدم تعاون أولياء الأمور، وطرق التدريس، حتي بعد إدخال الطرق الحديثة مثل السبورة الذكية والتابلت، مازالت غير جاذبة للطلاب، والامتحانات بصفة عامة غير منصفة، مع وجود تخوف لدي أولياء الأمور من تأثير الغش علي نتائج أولادهم .

لذا، لا أتوقف طويلا أمام شخصية الوزير أو شهاداته، فهو لن يكون قادراً علي إحداث نقلة نوعية في التعليم، مالم يكن ملف التعليم علي رأس أولويات المجتمع : الرئيس والحكومة والمجتمع المدني وكل فرد في المجتمع.

اعتقد، أن اختيار الوزير الجديد، والذي جاء من التعليم الخاص، كان بغرض إيجاد مخرجٍ لمشاكل التعليم من وجهة نطر مختلفة عن سابقيه، وربما بطرق جديدة مبتكرة، وعلينا أن نعطيه فرصته قبل الحكم عليه.

الملفت للنظر أثناء هذه الجولة في مدارس الدقهلية، أننا وجدنا شِبه إجماع من أولياء الأمور علي موافقتهم علي دفع رسوم دراسية معقولة، مقابل تحسين التعليم، وهذه نقطة إيجابية يجب البناء عليها.

لذا، أدعو الجميع، وخاصة المجتمعَ المدني ورجالَ الأعمال والقادرين من أبناء الشعب المصري، علي التكاتف مع الحكومة، في إيجاد حلولٍ غير تقليدية، لمشاكل موروثة تراكمت علي مدار عدة عقود.

التعليم مسئولية مجتمعية، ويجب علي كل أبناء المجتمع أن يكون إصلاح التعليم هو هدفهم الأول ، إذا أردنا أن ينصلح حال التعليم قبل الجامعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى