أخبار
أخر الأخبار

حجازى التنشئة الوطنية ..والهوية الوطنية في زمن العولمة الثقافية

في بداية تسعينات القرن الماضي الموقع الأهم ضمن مفردات الخطاب الإعلامي والاستراتيجي حتي أنها بدت لي وقتئذ وكأنها ضريبة شبه قهرية علي كل ناطق وكاتب ، وأثير حولها العديد من التساؤلات المفعمة بالتخوفات حول مستقبل الهوية الوطنية الثقافية في ظل العولمة الثقافية وخاصة عن البعض الذي اقتصر جل اهتمامه علي الجانب والمكون الثقافي للعولمة .

ارتبطت العولمة الثقافية بمعني توحيد منهجية الفكر والسلوك ، بالدعوة إلى الغزو الفكري ومحاولات متجددة من قبل الثقافة الغربية لطمس هوية الشعوب غير الأوربية .

أحد القلق الأساسي المرتبط باتفاقية سايكس – بيكو هو كيفية تقسيم الدول بناء وعلى اعتبارات جغرافية وسياسية بحتة مع تجاهل تام للهوية الثقافية والدينية للشعوب الموجودة في هذه الأراضي فقد تم رسم الحدود الوطنية دون مراعاة للأعراف المحلية والتاريخية مما أدى إلى تشكيل دول لا تعكس التنوع العرقي والديني الذي يميز المنطقة واختلطت الثقافات والأعراق ووجدت مجتمعات متعددة متجاورة بشكل تعسفي مما زاد من احتمالات النزاع والصراع

يمكن إرجاع مفهوم الغزو الفكري إلى العصر الاستعماري عندما فرضت القوى الأوروبية معاييرها وقيمها الثقافية على السكان الأصليين للأراضي التي استعمرتها وقد تم تنفيذ عملية فرض الثقافة هذه بهدف تأكيد الهيمنة والسيطرة على الشعوب المستعمرة مما يؤدي غالبا إلى قمع معتقداتهم وممارساتهم التقليدية.

كما يمكن إرجاع مفهوم رؤية الغربيين لبعض الثقافات على أنها منحطة إلى العصر الاستعماري حيث صورت القوى الغربية نفسها على أنها متفوقة ومتحضرة في حين صورت الثقافات الأخرى على أنها بدائية ودونية واستمرت هذه العقلية على مر السنين حيث غالبا ما ينظر الغربيون إلى الثقافات غير الغربية على أنها غريبة أو متخلفة أو فاسدة أخلاقياً وينظرون للعرب انهم رجعيون وهم التقدميون… ومع قدم السنين وصلوا العرب إلى التقدمية التي تشكلها تجاربها الفريدة و النوعية و الرائدة في كل المجالات

وفي نفس الوقت وصل الغرب لمستوي أدنى من الحضيض …
وقد بدا ذلك جليا من خلال العرض (المهزلة) الذي افتتحت به دورة الألعاب الأولمبية في فرنسا والذي خرج عن حدود المبادئ والأخلاق والفطرة الإنسانية.
بالتأكيد لم أذكر الحدود الدينية. فقد انسلخوا منها منذ عقود.دول تدعي الحضارة والإنسانية وهي أقرب ما تكون مجرد مستنقعات لكل فكرٍ شاذٍ أو فاسد.

تجسيد حب الأوطان يأتي في أشكال مختلفة ويمكن أن ترى ذلك في الفخر الذي يشعر به المواطن عندما تنجح بلاده على الساحة الدولية و يظهر حب الوطن بوضوح أكبر حيث تتوحد الصفوف، ويعمل الجميع جنبًا إلى جنب لتجاوز التحديات والأوقات الصعبة و أيضاً عنصرًا أساسيًا في تشكيل الهوية الوطنية و الهوية الوطنية ليست فقط مجموعة من القيم والمبادئ بل هي شعور عميق بالامتنان والانتماء

من نشأ تنشئة وطنية حقة وتربى على حب الوطن ومن تمتع بروح وطنية عالية لن يكون فاسد ولن يقبل أن يشارك فاسد هدفه تدمير الوطن وبناء ذاته، ولن يقبل أن يكون معول هدم في يد شرير لا يحب الوطن وشعبه.

‏حب الوطن والولاء له لا يعني مكاسب وأرباح واستغلال وتنشيط تجارة المصالح الخاصة ونشر الفساد وزرع الفتن والعنصرية … الوطن عز وبناء وتعاون، محبته شعور فطري والمحافضة عليه واجبة

يؤسفني ان أقول إن أعداء الوطن منه وفيه ، هم من يعملون على إعاقة التنمية وتقدمه ، هم من يعملون على زيادة ثرواتهم ومصالحهم لتحقيق مكاسبهم ، هم من ينشرون الفساد ويثيرون الفتن.

‏جهلاء ، سفهاء ، سخفاء ، أصحاب الفكر والكلام المبرمج المسير .. كل من يعبث بالهوية الوطنية وكل من حاول اللعب بمكونات المجتمع .

ختاما نقول لهؤلاء :
( لا تبحث لك عن دور سياسي ووطني مزيف في هذه المرحلة وأنت لا تشعر بالوطن .. الوطني الحق له مواصفات بعيدة عنك ، ووطنيته تغلي في جسده وتسكن حجرات قلبه محبة للوطن والناس بجميع مكوناتهم وتوجهاتهم )

أعود فأقول : لقد نجحت العولمة الثقافية إلى حد كبير في النيل من قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية والمصرية علي السواء .

فقد أصبحت القاعدة هو الافتنان بكل ما هو غربي ، وبات الاستثناء هو التمسك بثوابتنا .
إن الهوية الوطنية أصبحت ك ( الطريدة أو الفريسة ) ، والعولمة الثقافية هي ( الصياد ) . ولذا سيظل الصياد يطارد الفريسة حتي يقضي عليها

ويكفي هنا الاستشهاد بما آل إليه حال المجتمع السعودي من طمس الهوية العربية والإسلامية ( باستثناء مناسك العمرة والحج ) …يؤلنا أن تقف أحدي المطربات الأجنبيات في أحد المسارح المفتوحة في المملكة لكي تقول لا تتخيلوا مدي سعادتي بما آل إليه حال المجتمع في السعودية من انفتاح ثقافي بعد سنوات طوال من الانغلاق الثقافي علي حد قولها.

ولاسبيل للحفاظ علي الهوية الثقافية المصرية إلا بالالتجاء الي تنمية الوعي المجتمعي والتصدي للغزو الثقافي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى