بقلم /د.عائض الزهراني
كانت الجزيرة العربية قد فقدت تلك المنة الكبرى التي أعطاها اياها الإسلام ونعني بها الوحدة السياسية ويبدو أنه منذ انتقال كرسي الخلافة بعيدًا عن مكة المكرمة والمدينة المنورة، اهمل الخلفاء من بني أمية وبني العباس أمر شبه الجزيرة العربية وعلى هذا المنوال سارت بقية الدول الإسلامية وآخرها الدولة العثمانية فعاد الوضع في شبه الجزيرة العربية إلى الجمود الأول مماليك مميته، وعظمة بائدة، وجرائم شنيعة وفروسية فردية، كل هذا قد ابيد وحول إلى حالة شبيهة بالحلم، ولم يعد في الصمت الأصفر الكبير غير الدروب الحزينة للقبائل التي تكافح حتى لا تهلك، حول مواقع الماء والكلاء.
وعادت إلى الجزيرة صورتها القبلية التقليدية التي كانت عليها، وتصاعدت نعرات العصبية الجاهلية إلى مستويات لا تقل عما كانت عليه زمن الجاهلية الأولى فعادت الحروب المستمرة، والمعارك المتصلة وكانت القوة هي دستور الحياة فكان من حق القوي أن يأكل الضعيف وعاشت وسط الجزيرة فترة من أشد فترات تاريخها ضعفا وعزلة عن العالم.
ولكن خلال منتصف القرن العشرين بدأت تظهر الملامح الرئيسية للوحدة السياسية على يد مؤسس الكيان عبد العزيز آل سعود الشخصية الكاريزمية الذي استمر في صراع طويل ومرير مؤملا تحقيق حلمه في توحيد هذا الكيان الشاسع في جو ملئ بالصراعات العالمية والاقليمية والقبائل المعارضة ولعبت العصبية القبلية أيضًا دورًا هامًا في الصراع وكرس عبد العزيز نفسه لها هدفًا إلى قيام حكم سعودي وبذلك دخلت المملكة عصرها التاريخي.
تحل علينا الذكرى الجميلة لتوحيد الوطن تحت راية التوحيد على يدي المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) الذي لم يتوسد الصحراء بل امتطى صهوة المجد واستعاد ملك آباءه وكون دولة.
إن اليوم الوطني يكتسب أهمية عاما عن آخر كونه يعرف الأجيال القادمة بمراحل التكوين التي صنعت فيه بلادنا حضارة زاهية وتحققت فيها المكتسبات الغالية.
وفي العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبدعم ومؤازرة سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – يحفظهم الله – استمرت المسيرة الخيرة تطرق كل أبواب التقدم والتطور النمو في مختلف المجالات وتحقق إنجازات تنموية كبيرة، وعملت على الأسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد المباركة من التمسك بكتاب الله وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وحفاظا على وحدة البلاد وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملا على مواصلة البناء وسعيا متواصلا نحو التنمية الشاملة وتوظيف إمكانات بلادنا وطاقاتها لتحقيق مستقبل أفضل للوطن والمحافظة على أصالة مجتمعنا وثوابته، وتحقيق العدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها.
إن خادم الحرمين الشريفين نذر نفسه لخدمة وطنه؛ ليقود شعبه الذي أنعم بحبه لينعم بنبض حب شعبه، الحالم دوما بغد مشرق أفضل في تحقيق نهضة شمولية متنوعة ومتعددة ترتقي بالمجتمع السعودي.
ملك يقود شعبه بشوق عظيم، ويدفعه إيمان قوي بربه، وعاشقا لرفعة وطنه، وما يؤديه في سبيل الارتقاء بالوطن في طريق التطور والإنماء.
ملك مؤمن بأنه لن يصيبه غير ما كتب الله له، وقور ترتسم على محياه سيما الحكمة والحنكة يدعو للفضيلة ويحارب الفساد والرذيلة
سيبقى الوطن الغالي في عهد سلمان الإنسان شامخًا وتاجًا مرصعًا بالدين والأمن والأمان والوحدة المتماسكة الممزوجة بالقيم والنبل والأخلاق الحميدة.
وَهَذَا يَجْعَلُنَا كمواطِنِين أَكْثَرُ تَفَاؤُل بِالمسْتَقبَل الْوَاعِد المشرِق وَنَحْن نتطلع جَمِيعًا إلَى كَثَافَةِ فِي مَجَالَاتِ الخَيرِ وَالنَّمَاءِ وَالِاستِقرَار وَالتِّلَاحُم الِاجتِماعِيِّ لِنَصِّوغ الْغَدِ الأَطْهَر وَالْأَفْضَل.