بقلم .د. السعيد عبد الهادي رئيس جامعة حورس
أحدث قرار السيد الرئيس ضم الدكتور يوسف بطرس غالي إلى عضوية المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية، ردودَ أفعالٍ متباينة بين مؤيد ومعارض.
الدكتور غالي كان عضوًا فاعلاً في السياسات المالية والاقتصادية طوال فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك حتي قيام ثورة بناير سنة ٢٠١١، ومن وجهة نظري، فإن لهذا القرار مدلولاتٍ كثيرةً ، أهمها : ظهور تَغيرٍ ملموسٍ في سياسات مؤسسة الرئاسة، وفي مطبخ صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي المحيط بالسيد الرئيس.
إن ضم الدكتور غالي لهيئة استشارية تابعة لرئيس الجمهورية، تعني أن هناك تغيرًا جوهريًا في فكر مؤسسة الرئاسة ؛ فقد كان من النادر الاستعانة بخبرات وزراء سابقين، خاصةً مَنْ تم تعيينهم في حقب رئاسية سابقة، فمعظم وزراء الحقبة الملكية (قبل سنة ١٩٥٢)، تم الاستغناء عنهم في حكومات الزعيم جمال عبد الناصر، واستمر نفس النهج أثناء حكومات الرئيسين السادات ومبارك رحمها الله تعالي.
أرى أن مجرد ضم الدكتور غالي، كعضو في المجلس الاستشاري، له أبعاد سياسية أكثر منها اقتصادية ؛ فحسب عمل وطبيعة المجالس الاستشارية، فهي تصدر توصيات، أي يمكن الأخذ بها أو لايؤخذ بها ، والمجلس الاقتصادي يختص بدراسة الملفات التي يُكَلف بها من قبل الرئيس، مثل دراسة كيفية استخدام موارد الدولة، واقتراح السياسات الاقتصادية، حسب قرار إنشائه عام ٢٠١٥ .
وعلي المستوي الفني، يعتبر الدكتور يوسف بطرس غالي خبيراً اقتصادياً مرموقاً علي المستويين المحلي والدولي، وله تاريخ علمي وإداري متميز، ونجح في إدارة الملفات التي تولاها في عصر الرئيس الراحل مبارك، وعندما كان وزيراً المالية، حقق معدلَ نموٍّ يزيد على ٧ ٪ ، وحافظ على مؤشرات جيدة للاقتصاد وحافظ علي قيمة الجنيه المصري.
وبعد تبرئته من كل قضايا الفساد التي اتُّهم بها، أصبح يتمتع بجميع حقوقه السياسية كمواطن مصري حسب القانون المصري ؛ ولذا أعتبر أن وجود دكتور غالي في تشكيل المجلس الاستشاري الاقتصادي للسيد الرئيس مكسباً كبيراً ، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد ؛ فخبرة هذا الرجل، وعلاقاته الدولية، خاصة مع الجهات الاقتصادية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تجعله مكسباً لايقدر بمال، أعتقد – دون تحيز – أن د. غالي مع عدد قليل جدا ربما لايتعدي أصابع اليد الواحدة من الاقتصاديين المصريين القادرين علي التعامل مع مشاكل مصر الاقتصادية، والخروج بها من النفق المظلم.
لكل ماسبق أعتقد أن عودة الدكتور غالي، له دلالات إيجابية كثيرة، أهمها أن مصر الجديدة تتسع للجميع، وأن لكل مصري الحق في أن يقدم خبرته ويفيد بلده، طالما كان مستمتعاً بحقوقه السياسية حسب صحيح القانون والدستور المصري.