ورد النيل… كارثة تهدد مياهنا!
بقلم د/ سومه الموجي استاذ مساعد بالمعهد القومي للمعايرة
______________________
هل تساءلت يومًا عن النبات الأخضر الذي يغطي مساحات شاسعة من أنهارنا وبحيراتنا؟ هذا النبات هو “ورد النيل”، والذي يشكل تهديدًا كبيرًا لمصر ودول أخرى.
ورد النيل هو نبات مائي موطنه الأصلي حوض نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، ويتميز بنموه السريع جدا وتغطيته لمساحات واسعة من المياه. هذا النمو السريع يسبب العديد من المشاكل البيئية والاقتصادية. أولاً، يؤدي ورد النيل إلى تلوث المياه، حيث يقلل من كمية الأكسجين الذائب، مما يجعل البيئة المائية غير صالحة للأحياء النافعة مثل الأسماك. ثانياً، يشكل عائقًا للملاحة، حيث يغطي سطح الماء بكثافة، مما يجعل الملاحة صعبة وغير امنه. ثالثاً، يساهم في هدر المياه، إذ يستهلك كميات كبيرة منها، مما يؤثر سلبًا على الزراعة والصناعة. كما أن ورد النيل يسبب تدمير التنوع البيولوجي، لأنه يحجب الضوء عن النباتات والطحالب الأخرى، مما يؤدي إلى انقراضها. وكذلك يؤدي انتشاره الكثيف إلى تعفن المياه بسبب الركود الناتج عن تغطيته السطحية، مما يؤثر على الخصائص الطبيعية للمياه المغطاة به.
ينتشر ورد النيل بسرعة كبيرة في البيئة المصرية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل رئيسية. أولاً، تلعب الظروف المناخية دورًا أساسيا في نموه، حيث تساعد درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية على تعزيز سرعة انتشاره. ثانيًا، يفتقر ورد النيل إلى الأعداء الطبيعيين في البيئة المصرية، مما يمنحه ميزة النمو دون أي مقاومة من الكائنات الحية الأخرى. وكذلك ساهم بناء السد العالي في تباطؤ حركة المياه في نهر النيل، مما أدى إلى توفير بيئة مثالية لنمو ورد النيل وانتشاره بشكل أكبر.
ولقد تعددت الطرق المستخدمة للتخلص من نبات ورد النيل على مر العقود، إلا ان معظم هذه الطرق لم تحقق النجاح المرجو بسبب انخفاض كفاءتها أو تكلفتها العالية أو الأضرار البيئية الناتجة عنها. تشتمل هذه الطرق: الطرق الميكانيكية التي تعتمد على إزالة ورد النيل يدويًا أو باستخدام الآلات الثقيلة، والطرق الكيميائية التي تستخدم المبيدات الحشرية للقضاء عليه، ولكنها قد تؤدي إلى تلوث المياه، وأيضا توجد الطرق البيولوجية التي تعتمد على استخدام الحشرات والأسماك التي تتغذى على ورد النيل. وعلى الرغم الأضرار الكبيرة التي يسببها ورد النيل، إلا أنه يمكن الاستفادة منه في بعض الصناعات، مثل صناعة الورق حيث يمكن تحويل أليافه إلى ورق، وصناعة الوقود حيث يمكن استخدامه كوقود حيوي، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه كعلف للحيوانات.
وفي الختام، ان مشكلة انتشار ورد النيل تتطلب جهودًا كبيرة من جميع الأطراف، سواء كانت حكومية أو مجتمعية حيث يجب علينا أن نتعاون معًا للحد من انتشار هذا النبات الضار والحفاظ على مياهنا وأنهارنا ومن الضروري اتخاذ خطوات نحو إيجاد منهج متكامل ومستدام لمجابهة الإنتشار الكثيف لنبات ورد النيل و إعادة استخدام مخلفاته.