ثقافة وفن

الدراما الهادفة ودورها في بناء الوعي المجتمعي

 

كتبت شيماء نعمان

تُعَدُّ الدراما واحدة من أكثر الفنون تأثيرًا في المجتمعات، فهي ليست مجرد وسيلة ترفيهية، بل تمتلك القدرة على تشكيل الفكر، وترسيخ القيم، والتأثير في السلوكيات. ومع تنامي دور الإعلام، أصبح من الضروري الاهتمام بإنتاج الدراما الهادفة التي تخاطب العقول والقلوب، وتتناول قضايا المجتمع بأسلوب بنّاء، بعيدًا عن العنف والإسفاف والمحتوى غير اللائق.

 

أهمية الدراما الهادفة

 

الدراما الهادفة تلعب دورًا محوريًا في:

 

1. نشر القيم الإيجابية: من خلال تقديم نماذج تحتذى بها في الأخلاق والعمل والنجاح.

 

2. التصدي للظواهر السلبية: مثل الإدمان، والتطرف، والتنمر، والانحراف الأخلاقي، عبر توعية الجمهور بمخاطرها.

 

3. تعزيز الهوية والانتماء: من خلال الأعمال التي تُبرز تاريخ الأمة وإنجازاتها وتضحيات أبنائها.

 

4. تقديم محتوى تعليمي وتثقيفي: يساهم في رفع الوعي العام بقضايا مثل التعليم، الصحة، الحقوق، وغيرها.

 

تحديات تواجه الدراما الهادفة

 

على الرغم من أهميتها، إلا أن الدراما الهادفة تواجه عدة تحديات، منها:

 

هيمنة الأعمال التجارية: التي تهدف إلى الربح فقط دون مراعاة المحتوى القيمي.

 

التأثير السلبي لبعض الأعمال: التي تروج للعنف والجريمة والمخدرات دون تقديم حلول واقعية.

 

ضعف التمويل والدعم: مقارنة بالأعمال ذات الطابع الاستهلاكي، مما يجعل الإنتاج الجيد تحديًا كبيرًا.

 

مبادرة الرئيس السيسي لدعم الفن الهادف

 

في إطار الجهود المبذولة لتوجيه الإنتاج الإعلامي نحو مسار أكثر مسؤولية، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية تقديم محتوى درامي يعكس القيم المجتمعية الإيجابية، ويحارب الظواهر السلبية. جاءت هذه الدعوة في سياق عدد من المبادرات التي أطلقها الرئيس لدعم الثقافة والفنون، ومنها:

 

1. التأكيد على دور الفن في تشكيل الوعي: حيث أشار الرئيس في أكثر من مناسبة إلى أن الفن الهادف يمكن أن يكون وسيلة قوية لنشر الوعي وتعزيز الهوية الوطنية.

 

2. تقديم دراما تعكس الواقع المصري: من خلال تشجيع الإنتاج الفني الذي يسلط الضوء على قضايا المجتمع الحقيقية، مثل محاربة الإرهاب، والاهتمام بالتعليم، وتمكين المرأة.

 

3. دعم الأعمال الوطنية: التي تبرز تضحيات الجيش والشرطة، ودور المؤسسات الوطنية في حماية البلاد.

 

4. التوجيه بتطوير الإعلام والدراما: لضمان تقديم محتوى يعبر عن القيم المصرية الأصيلة، ويعزز الانتماء الوطني.

 

نماذج ناجحة من الدراما الهادفة

 

شهدت السنوات الأخيرة إنتاج العديد من الأعمال الدرامية التي حملت رسائل هادفة، ومنها:

 

“الاختيار”: الذي جسّد بطولات رجال الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب.

 

“القاهرة كابول”: الذي تناول قضية التطرف الديني وأثره على المجتمع.

 

“أبو العروسة”: الذي قدم صورة إيجابية للعلاقات الأسرية المصرية.

 

“ليه لأ”: الذي تناول قضايا تمكين المرأة واستقلالها في المجتمع.

 

دور المؤسسات الإعلامية في تعزيز الدراما الهادفة

 

على الجهات المعنية بالإعلام، سواء الحكومية أو الخاصة، أن تتبنى سياسات تدعم الدراما الهادفة، من خلال:

 

تقديم دعم مالي وإنتاجي للأعمال ذات الرسائل الهادفة.

 

توجيه الكتاب والمخرجين نحو تقديم محتوى يراعي القيم الأخلاقية والمجتمعية.

 

تقييم الأعمال الدرامية قبل عرضها للتأكد من خلوّها من المحتوى الضار.

 

إطلاق حملات توعية لتشجيع الجمهور على متابعة الدراما الجادة والمفيدة.

 

خاتمة

 

الدراما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل قوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. وعندما يتم توجيهها بشكل صحيح، فإنها تسهم في بناء أجيال أكثر وعيًا، وتعزز القيم الأخلاقية، وتساهم في نهضة المجتمعات. لذلك، فإن دعم الدراما الهادفة هو مسؤولية مشتركة بين الدولة، والمؤسسات الإعلامية، والجمهور، لتحقيق نهضة ثقافية وفنية تعكس الوجه الحقيقي للمجتمع المصري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى