مقالات
أخر الأخبار

ازاي اعرف ان العلاقه مش متوازنه

 

 

بقلم دكتور دينا جمال

👌حماية الذات وبناء روابط صحية

العلاقات البشرية بطبيعتها معقدة والتوازن فيها مهارة تحتاج إلى وعي عميق وممارسة مستمرة

مفهوم التوازن في العلاقات :

التوازن في العلاقات لا يعني أن تكون المعادلة دائماً خمسين مقابل خمسين، ولا أن تختفي الخلافات أو التحديات.
بل يعني أن تظل العلاقة مساحة تسمح لكل طرف أن يكون “نفسه” بأمان، دون أن يضطر للتخلي عن جوهره لإرضاء الآخر.
التوازن هو أن نحب دون أن نذيب ذواتنا في الآخر، أن نعطي دون أن نفرغ أنفسنا، أن نساند دون أن نحمل العبء وحدنا.
هو حالة من الاحترام المتبادل، حيث تمنح المشاعر والاحتياجات حقها، دون أن تطغى حاجة طرف على وجود الآخر أو تلغيه.
في العلاقات المتوازنة، هناك وعي دائم بأن كل طرف مسؤول عن نفسه أولاً، عن مشاعره، عن احتياجاته، وعن تحقيق ذاته، دون أن يحمل الآخر هذا العبء.
أن نرتبط من مساحة الاكتفاء لا من مساحة الفراغ.
وأن نكون داعمين لا متملكين، متواصلين لا متلاعبين، حاضرين دون أن نفني وجودنا، ومحبين دون أن نصبح أسرى.

مظاهر غياب التوازن في العلاقات :

1. استنزاف الذات مقابل إرضاء الآخر:
حين يصبح رضا الآخر أولوية مطلقة على حساب احتياجاتك وأمانك الداخلي، فتجد نفسك تقدم بلا حدود، بينما تهمل صوتك الداخلي ومشاعرك الخاصة.

2. الخوف المزمن من خسارة العلاقة:
عندما يتحكم الخوف في تصرفاتك، فترضى بما لا يرضيك، أو تتنازل عن حدودك، فقط خوفاً من فقدان العلاقة، مما يجعلك تعيش حالة دائمة من التوتر والقلق.

3. غياب الاستقلالية العاطفية:
حين تصبح سعادتك أو حزنك بالكامل مرهونين بمزاج أو تصرفات الآخر، وكأنك فقدت مركزك الداخلي، وأصبح وجودك معلقاً في يد شخص آخر.

4. العطاء المشروط أو الأخذ الأناني:
إما أن تعطي وتنتظر المقابل بشكل دائم، أو أن تكون دائم الطلب دون مراعاة احتياجات الآخر.
في الحالتين، تغيب روح التبادل الحر، ويتحول الحب إلى صفقة أو عبء.

5. تجاهل الذات باسم “التفاهم”:
حين تبرر لنفسك السكوت عن الألم أو القبول بسلوكيات تؤذيك تحت شعار “التفاهم” أو “الصبر”، بينما في الحقيقة أنت تمارس عنفاً خفياً ضد نفسك.

٦. الانصهار أو الذوبان في الآخر:
تختفي معالمك الشخصية، اهتماماتك، حدودك، وحتى طموحاتك، وتذوب بالكامل داخل الآخر، كأن وجودك صار امتداداً له، لا كياناً مستقلا.

٧. الاعتماد المفرط مقابل الانفصال المبالغ فيه:
في غياب التوازن، إما أن تعتمد اعتماداً مرضياً على الآخر، أو أن تنغلق عنه كوسيلة دفاعية، فلا تجد العلاقة مساحة صحية للتواصل الحقيقي.

٨. غلبة اللوم والاتهامات على الحوار:
عندما يغيب الوعي، يتحول التعبير عن الاحتياج إلى هجوم، ويتحول التواصل إلى تبادل للاتهامات بدلاً من بناء جسور للفهم.

كيف نحقق التوازن في علاقاتنا؟

1. التعرف على الذات أولاً:
لا يمكننا الحفاظ على أنفسنا داخل علاقة إذا لم نكن نعرف من نحن، وماذا نحتاج، وماذا نرفض.

2. وضع حدود واضحة:
تحديد ما نقبله وما لا نقبله في التعامل مع الآخر، والتعبير عن ذلك بلغة صادقة ولطيفة.

3. التواصل بشفافية:
مشاركة مشاعرنا واحتياجاتنا بشكل منتظم دون انتظار أن يقرأ الطرف الآخر أفكارنا.

4. الاستقلالية العاطفية:
أن نعي أن سعادتنا مسؤوليتنا الشخصية، وليست عبئاً على كاهل الطرف الآخر.

5. التوازن بين الأخذ والعطاء:
أعط، ولكن تأكد أنك تتلقى أيضاً.
لا تجعل ميزان العطاء يميل لطرف واحد حتى لا تنهار العلاقة تحت وطأة الاختلال.

6. المرونة والنمو المشترك:
إدراك أن العلاقات كالكائنات الحية تحتاج إلى مراجعة وتجديد وإعادة ضبط مع تغير الظروف.

7. التفاهم العميق:
التفاهم هو الجسر الذي يعبر به كل طرف نحو عالم الآخر.
حين نسعى لفهم دوافع ومشاعر بعضنا البعض بصدق، نقلل من سوء الفهم ونحافظ على عمق العلاقة وتوازنها.

8. الاحترام المتبادل:
الاحترام يعني أن أراك كما أنت دون محاولة إعادة تشكيلك بما يناسبني.
عندما يحترم كل طرف حدود الآخر واختلافاته، يشعر كل فرد بالأمان والتقدير، مما يعزز التوازن الداخلي والخارجي للعلاقة.

9. الابتعاد الواعي عن السلوكيات السامة:
مثل التلاعب العاطفي، التحكم، التقليل من شأن الآخر، الغيرة المفرطة أو العقاب بالصمت.
العلاقات الصحية تبنى على الحرية، لا على الخوف، وعلى الثقة لا على السيطرة.
كلما ابتعدنا عن هذه السلوكيات، حافظنا على نقاء العلاقة، واستمرار توازنها.

10. قبول الاختلاف:
إدراك أن اختلاف الرغبات أو طرق التعبير لا يعني نهاية العلاقة، بل قد يكون فرصة لنمو كل طرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى