مقالات

أحمد الشرع… من المطلوب دوليًا إلى رجل واشنطن في إدلب-

 

بقلم /ويصا البنا

ـ

ــ في زمن تتبدل فيه الأقنعة وتتداخل فيه خيوط الإرهاب بالسياسة، تقف شخصية أحمد الشرع، المعروف باسم “أبو محمد الجولاني”، كشاهد حيّ على مسرحية كبرى كُتبت فصولها بين إدلب وواشنطن. الرجل الذي خرج من رحم القاعدة، والذي لطالما تصدرت صوره تقارير الإرهاب في العالم، بات اليوم – بقدرة قادر – مرشحًا لـ”إعادة التأهيل السياسي”، ضمن مشروع غربي بامتياز.

لسنوات، كان الجولاني يتصدر لوائح الإرهاب الأمريكية، وكانت تصريحاته الحربية تكشف عن عقلية متطرفة لا تختلف كثيرًا عن داعش والقاعدة. لكن منذ عام 2023، حدث ما لا يُصدق. وفقًا للسفير الأمريكي الأسبق لدى سوريا، روبرت فورد، بدأت لقاءات سرية مع الجولاني تحت إشراف منظمة بريطانية، شملت تدريبات مكثفة على فن الخطاب السياسي، ومهارات التفاوض، وإدارة الحكم المحلي، بدعم أمريكي مباشر.

لم تعد المسألة مجرد تحول أيديولوجي، بل مشروع غربي كامل لتلميع صورة رجل ملوثة بالدم. الغرب الذي طالما ادّعى محاربة الإرهاب، قرر أن يصنع لنفسه “إرهابيًا مُعقّمًا”، يرتدي بدلة رسمية بدلاً من عباءة سوداء، ويستقبل الصحفيين الأجانب بدلاً من إعدامهم.

أين القانون الدولي؟

هنا يطرح السؤال نفسه: كيف يُسمح لشخص متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بالخضوع لدورات تدريب سياسي من قِبل دول تدّعي التزامها بالقانون الدولي؟ كيف يتم تجاهل دماء آلاف الضحايا من السوريين؟ ألا يُعد هذا تدريبًا على الإفلات من العقاب؟

أم أن الأمر ببساطة: الإرهابي المفيد… يُغتفر له كل شيء!

حين يُصبح الإرهابي شريكًا في “السلام”، ويتحوّل المتطرف إلى “قائد محلي”، ندرك أن العالم لم يعد يدار وفق منظومة عدالة، بل وفق منظومة مصالح. أحمد الشرع ليس استثناءً، بل هو النموذج المفضوح لمعادلة دولية قذرة:

اصنع الوحش، درّبه، ثم ادّعِ أنك تروضه.

ويصا البنا

باحث دكتوراة فى القانون الدولى

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى