مقالات

الحضارة المصرية .. بين الـ”الأمومية” والـ ” بطرياركية الأبوية”

 

دراسة بقلم :

رشا رفعت شاهين

_____________________

 

 

عبد العزيز جمال الدين:

* الحضارة المصرية مالت للأمومية في البداية لكنها لم تتحول إلي الذكورية بقسوة.. والدليل شجرة الدر

 

محمد محي خطاب:

* حتشبسوت و”سوبك نفرو” وملكات الأسرة الـ 12 .. شهادات خالدة على تميز المرأة المصرية

 

سامي حرك:

* “حابي” الذي يرمز للنيل .. إله بثديين حمل صفات أنثوية وذكورية في دلالة على المساواة بين الجنسين

أحمد شوقي:

سر تاريخي وراء تسمية مصر بـ “أم الدنيا” واالمصريين بـ “ابناء النور”

 

 

المتابع للمرأة وتطورها الإجتماعي التاريخي وخط سير الحضارات القديمة، قد يتعجب من الموقع الشديد التميز الذي تمتعت به المرأة المصرية، بينما عانت السومرية والبابلية والأشورية والرومانية وغيرهن من نساء الحضارات والمناطق المختلفة حول العالم وعلي مدار التاريخ من إعتبارهن سلع أو ملكية خاصة للأب والزوج وذكورالعائلة، كما لم يكن لها الحق في الميراث وفي الموافقة أو رفض الزواج وفي التعلم أو العمل أو السفر.

 

وكذلك كان من حق الزوج بيعها في السوق أو قتلها أو الحاق الأذي بها وبتر أجزاء من جسمها أو رهنها إذا تعسر مالياً، فضلاً عن أنه لم يكن من حق النساء في الحضارات القديمة إختيار ملابسهن، وكان يتم فرض غطاء الرأس والوجه عليهن، بل قد تتعرض للجلد والتعذيب والقتل من تخالف تلك الأعراف. ولم يكن يُسمح للجواري بالتغطي كالحرائر ومن كانت تخالف ذلك كانت تُدفن حية أو تُعذّب بأبشع صنوف العذاب.

 

وللغرابة، وعكس المنطق، فقد شجع فلاسفة وحكماء تلك الشعوب علي تحقير المرأة ونبذها واعتبارها مثل البهائم خُلقت لتمتع الذكر وللإنجاب والخدمة.. من حمورابي وسرجون إلي أفلاطون وأرسطو وسقراط وجالينوس وغيرهم ممن يُفترض أنهم جاءوا للإرتقاء بالوعي البشري ونشر النور والعدالة في العالم!

 

مكانة مرموقة

 

وبينما انحطت مكانة النساء بالحضارات القديمة حول العالم، ارتقت وإزدهرت بشكل ملحوظ مكانة المرأة المصرية وحث حكماء مصر القدماء الزوج علي (طاعة زوجته) .. نعم طاعتها .. وعللوا ذلك بأنها ربة بيته والمتحكمة في أمواله، وأمروه في برديات ونقوش جدارية خالدة بتوفير أفضل الطعام لإشباع جوعها وشراء أحسن العطور والزينة والملابس لتدليلها ونيل رضاها، بل ومنعوه من أن يتزوج عليها وأعطوها الحق في تطليق نفسها.

 

كما كانت المصرية مساوية في ميراثها للذكر، وكانت تتزين بما تحب وتختار من أزياء دون أن يتحرش بها أحد أو يتهمها بالفجور ويتهم رجال بيتها بالدياثة.

 

ولم ينحرف الوضع قليلاً سوي أيام الإحتلال الهكسوسي الذي حاول تحقير المرأة المصرية، ولأول مرة في تاريخها كان يتم التحرش بها في الشوارع والأسواق حتي تم طرد هؤلاء الرعاع وإعادتهم إلي أماكنهم الجدبة من جديد علي يد الملكة العظيمة إياح حتب وابنها أحمس.

 

بين الآلهة

 

ولم يختلف الوضع البشري الظالم للنساء بالحضارات القديمة عن الوضع  بين الآلهة حول العالم، فالإلهات الإناث جري تحقيرهن كذلك وتدنيس طهارتهن وجعلهن أدني مرتبة من الآلهة الذكور، وكُتبت الملاحم والقصص التي تؤكد انتصار الآلهة الذكور وقهرهم للإلهات الإناث.

 

أما في مصر، فظل التميز وظلت المساواة تطال الجنسين سواء كانوا آلهة رجال أم نساء حتي أنه كان هناك إلهة (خنثي) تجمع مابين صفات الذكورة والأنوثة لتكون أكثر كمالاً.

 

وقد تأثرت الشعوب القديمة بمعتقداتها وقدست آلهة وإلهات فاسدين وملوك فاسدين، مغتصبين، محتلين، قتلة وجبارين.. بينما كانت الآلهة المصرية منذ البدء ترمز للخير والحق.

 

وبينما انقلبت الشعوب علي آلهتها الإناث التي كانت تتفوق علي الذكور، تمتعت الإلهة المصرية  منذ البداية بالعدالة في توزيع الأدوار دون طغيان عنصر علي آخر وربما كان ذلك من اهم أسباب إستمرار إحترام الأنثي عموماً في الثقافة المصرية..

 

ولمعرفة بعض أسرار هذا التميز الحضاري، ناقشنا عدداً من الباحثين.

 

المساواة حاضرة

 

في البداية يقول الكاتب والباحث عبد العزيز جمال الدين: نعم كانت المساواة حاضرة دائما بين جميع الآلهة والإلهات في مصر القديمة، أما في زماننا فقد حاول البعض منع الست أم كلثوم من قراءة القرآن لأن صوتها حسب تفسيراتهم عورة .

 

في البداية، فسر باحثو المصريات التاريخ بشكل منحاز للأبوية وذلك لأنهم كانوا من رجال الدين المسيحي أو جاءوا من مجتمعات ذكورية ولم يعط كثيرون منهم  للمرأة حقها من البحث العلمي النزيه والمحايد الغير مرتبط بالمعتقد الديني أو خاضع للتأثير الإجتماعي للمجتمعات التي قدموا منها، ثم اختلف الأمر في العصور الأحدث وأصبح هناك سيدات باحثات في المصريات حاصلات علي أعلي الدرجات العلمية ومنهن من تخصصت في دراسة تاريخ الملكات المصريات القديمات، كليوباترا كانت مصرية وأنا مع الدراسات التي تدعم وطنيتها ودفاعها عن مصر رغم تعارض الكثير من الأبحاث واختلافها حول تاريخها وشخصها.

 

ويستطرد جمال الدين: قد تكون الحضارة المصرية مالت للأمومية في البداية لكنها لم تتحول إلي الذكورية بقسوة، فشجرة الدر مثلاً حكمت مصر في وقت لم يكن أحد ليجرؤ علي تولي سيدة مثل هذا المنصب في كل العالم الإسلامي وجاء الإنقلاب عليها لأهداف سياسية بحتة، وحتي وقت متأخر كانت المصرية القديمة رأس الدولة ورأس المعبد إذا كان معبداً لإلهة أنثي، كليوباترا كانت تتقلد منصب ديني عالي وتضع رمز إيزيس علي رأسها.

 

حتشبسوت أيضاً لم تُحارَب لأنها أنثي، بل لأنهم أرادوا ملكاً صغيراً يستطيعون السيطرة عليه كما إن آثارها معمارياً أرقي من أثار حفيدها توت عنخ آمون. ونفرتيتي كانت تشارك أخناتون عقيدته وحكمه ولكن التاريخ أهمل ذكر دورها رغم أن سلطة ملك مصر كانت رمزية وقد كان يتم تصويره يقود جيشه وليس شعبه لأن سلطة حكمه كانت إقليمية ووقت الحروب كانوا يرسلون للملك المركزي جنوداً، إذا فالمسألة كانت تنظيمية إجتماعية مرتبطة بتلك الفترة.

 

ر حم الأم

يشير  الباحث محمد محي خطاب إلى أنه في البدء وحسب نظرية الخلق المصرية، كان (نن) هو المياه الأزلية، و(أون) أو عين شمس أو هلي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى