مقالات

غياب القدوة وتأثيره على المجتمع

 

بقلم أ/هناء محمد

 

في زمن تداخلت فيه القيم واختلطت فيه المعايير، أصبحت الحاجة إلى وجود قدوة حقيقية وملهمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالقدوة ليست مجرد شخصية ناجحة أو مشهورة، بل هي نموذج يُحتذى به في السلوك والأخلاق والتفكير ومع الأسف يعاني واقعنا المعاصر من غياب واضح للقدوة في مجالات عدة مما انعكس سلبًا على الأفراد، خاصة الشباب، وعلى المجتمع ككل.

 

ما معنى القدوة؟

 

القدوة هي الشخص الذي يُقتدى به، أي الذي يملك صفات إيجابية تؤهله ليكون مثالًا يحتذى به في حياته اليومية سواء في الالتزام أو في تحمل المسؤولية، أو في الأمانة، أو في التفوق والطموح. وقد يكون القدوة أبًا ، معلمًا ، قائدًا، شخصية عامة، أو حتى صديقًا

 

ولنا في رسول الله سيدنا محمد ﷺ قدوة حسنة:

قال تعالى

> ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾

[الأحزاب: 21]

 

هذه الآية تؤكد أن رسول الله ﷺ هو النموذج الأكمل في السلوك والخلق، ويجب الاقتداء به في جميع شؤون الحياة.

 

وكذلك جميع الأنبياء والمرسلين

> ﴿أُوْلَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾

[الأنعام :90]

> قال رسول الله ﷺ:

«من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده»

[رواه مسلم]

> قال رسول الله ﷺ:

«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»

 

أسباب غياب القدوة

 

يُعزى غياب القدوة في المجتمع المعاصر إلى عدة عوامل، منها:

 

1. تراجع الدور التربوي للأسرة: مع انشغال الأهل بالعمل أو بالسوشيال ميديا، قلّ التواصل الحقيقي مع الأبناء، وبالتالي تراجع تأثيرهم كقدوة

 

2. ضعف التعليم وقلة المعلمين الملهمين: التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يشمل التربية وغرس القيم، وهو ما افتقدناه في كثير من مدارسنا.

 

3. تأثير وسائل الإعلام: تروّج وسائل الإعلام أحيانًا لأشخاص بلا مضمون أو رسالة، فيُقدمون كمشاهير وقدوة زائفة للشباب.

 

4. انهيار القيم الأخلاقية لدى بعض النماذج القيادية: حين يرى الناس قادة أو مسؤولين يفتقرون للنزاهة أو الاستقامة، يفقدون الثقة في فكرة الاقتداء.

 

آثار غياب القدوة

 

غياب القدوة يترك فراغًا كبيرًا في حياة الأفراد خصوصًا في مرحلة الطفولة والمراهقة. ومن أبرز الآثار:

 

فقدان الاتجاه والهوية لدى الشباب.

 

انتشار السلوكيات السلبية مثل العنف، الكسل، التقليد الأعمى.

 

تراجع القيم الأخلاقية في المجتمع.

 

ضعف الانتماء والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع.

 

كيف نعيد القدوة إلى حياتنا؟

 

إحياء دور الأسرة كمصدر أول للتربية والتأثير.

 

الاهتمام بالمعلمين وتدريبهم ليكونوا مصدر إلهام حقيقي.

 

تسليط الضوء إعلاميًا على النماذج الإيجابية في كل المجالات.

 

تعزيز القيم في المناهج الدراسية والأنشطة المدرسية.

 

القيادة بالقدوة من خلال مسؤولين وأفراد يتحلون بالنزاهة والعمل الجاد.

 

ختاما”

 

إن غياب القدوة خطر يهدد تماسك المجتمع وبناء أجياله، لذا لا بد أن نستفيق ونسعى جاهدين إلى إعادة القدوة إلى مكانها الطبيعي في بيوتنا ومدارسنا وإعلامنا ومؤسساتنا. فالمجتمعات لا تُبنى بالكلمات فقط، بل بالأفعال والنماذج التي تُترجم القيم إلى واقع يُحتذى به ونضع نصب أعيننا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم

{كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته}.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى