يوم التروية

كتبت مرفت عبد القادر
اليوم هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم ينتظره الحاج بفارغ الصبر ليصعد إلى المشاعر المعظمة في منى وعرفة ومزدلفة.
ولا بد لهذا اليوم من الاستعداد نفسيا وجسديا، نفسيا بأن يعلم أنه لم يدخل في الحج بعد، وأن الفريضة التي رحل من أجلها تبدأ من هذا اليوم بالذات، وجسديا بأن يوفر لنفسه الراحة اللازمة لكي يقوى على الطاعة والعبادة ويتجنب من المأكل والمشرب ما قد يعوقه عن أداء فريضته.
فمن الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج الطواف المستمر في أزقة مكة وشوارعها وأكل ما لم تألفه أجسادهم من الطعام فما يأتي يوم التروية إلا وهو متعب منهك أو مريض بالحمى والإسهال والزكام المفرط لتعرضه للشمس طول النهار، فيضيع نفسه بنفسه.
في صباح هذا اليوم اغتسل في محلك والبس إحرامك من جديد كما سبق، إذا كنت متمتعا، أما المفرد والقارن فإنهما على إحرامهما الأول، وانوِ الحج قائلا :لبيك اللهم حجا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
والعادة أن الحجاج يخرجون ليلا إلى منى صبيحة يوم التروية، وننصح بالمشي على الأقدام لمن استطاع، والمسافة بين مكة ومنى عبر النفق ست كيلومترات تقريبا، تقطع بالمشي العادي في ساعة ونصف من الزمان، وفي ذلك توفير للوقت وراحة في النفس واجتناب للمزاحمة على الحافلات وتوفير المركب للعجزة والمرضى وكل ذلك يضاعف في رصيد أعمالك. مستمرا على التلبية حتى تصل إلى منى، فتصلي الظهر والعصر هناك كل واحدة في وقتها بالتقصير، واعمر وقتك بذكر الله وتلاوة القرآن فتلك الساعات من ساعات الجنة، سلام قولا من رب رحيم، أنت في حشد يباهي به الله تعالى ملائكته، ذابت الدنيا وملذاتها وشهواتها.
وادي منى لا نبات فيه ولا زرع، لا توجد فيه وسائل الترفيه النفسي والجسدي، ولكن السمو الروحي والتجرد القلبي، وتستحضر الأنبياء وهم يصلون هناك ويكبرون ويهللون، وتستحضر صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم وهو في حشد من صحابته بمنى وهو يوصيهم : “عليكم بالسكينة والوقار فإن “عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس بالإيضاع”.
وابق على تلك الحال حتى تصلي المغرب والعشاء، وتأخذ من الراحة والنوم ما يكفي ليوم عرفة فإنه ينتظرك فيه عمل جليل في يوم جميل، وحال ذليل ومكان بجلال الرحمن ظليل.
تنبيه: إذا لم يتيسر للحاج أن يبيت في منى هذا اليوم فلا شئ عليه ولو ذهب يوم عرفة مباشرة من مكة إلى عرفات.