جبر الخواطر في عيد الأضحى: سُنة نبوية تُحيي القلوب

بقلم أ/جيهان عبد العزيز
مع حلول عيد الأضحى المبارك، تتجدد الفرحة وتتعاظم روح التكافل والتراحم بين المسلمين. وفي غمرة هذه الأيام الفضيلة، يبرز مفهوم عظيم من سيرة نبينا محمد صل الله عليه وسلم، ألا وهو “جبر الخواطر”. ليس جبر الخواطر مجرد عمل خيري عابر، بل هو منهج حياة، وسُنة نبوية تُحيي القلوب وتُعيد إليها الطمأنينة والأمل، وهو يتجلى بشكل خاص في أيام العيد.
مفهوم جبر الخواطر في الإسلام
جبر الخواطر يعني إدخال السرور على قلب مسلم، وتطييب نفسه، ومواساته في حزنه، ومساندته في شدته. إنه فن التعامل مع المشاعر الإنسانية بوعي وحساسية، لترميم ما قد يكون انكسر في النفوس، وتخفيف وطأة الألم أو الحزن. وقد كان النبي صل الله عليه وسلم قدوة لنا في هذا الشأن، فما من موقف إلا ونجده يجسد هذا المعنى العظيم.
الرسول صل الله عليه وسلم وجبر الخواطر في الأعياد
كان النبي صل الله عليه وسلم حريصًا أشد الحرص على جبر خواطر أصحابه ومن حوله، وخاصة في الأعياد التي تعد مناسبة للفرح والبهجة. لم يكن يسمح أن يمر العيد دون أن يشعر الجميع بابتهاجه، وأن يمحو أي أثر للحزن أو الحاجة من قلوبهم.
من صور جبر الخواطر النبوي في العيد:
* تفقُّد الفقراء والمحتاجين: كان النبي صل الله عليه وسلم يوجه أمته دائمًا إلى إيلاء اهتمام خاص بالفقراء والمساكين في العيد، لكي لا يشعروا بالحرمان أو النقص. فالأضحية نفسها هي مظهر من مظاهر جبر الخواطر، حيث يتم توزيع لحومها على المحتاجين، مما يدخل الفرحة إلى بيوتهم ويُشعرهم أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع.
* زيارة المرضى والأيتام: كانت زيارة المرضى وتفقُّد أحوالهم من سُنن النبي صل الله عليه وسلم في كل وقت، وتتأكد أهميتها في العيد ليعلموا أنهم ليسوا منسيين. وكذلك الأيتام، كان يوصي بالإحسان إليهم وكفالتهم، وإدخال السرور على قلوبهم في الأعياد حتى لا يشعروا بمرارة اليتم.
* المواساة والتخفيف: في حال وجود من فقد عزيزًا أو يمر بضائقة، كان صل الله عليه وسلم لا يغفل عن مواساته وتطييب خاطره، والتخفيف عنه ليشارك الناس فرحة العيد قدر الإمكان.
* البشاشة والكلمة الطيبة: لم يكن جبر الخواطر يقتصر على العطاء المادي، بل كان يشمل أيضًا العطاء المعنوي. فالابتسامة في وجه الآخر، والكلمة الطيبة، والسؤال عن الحال، كلها أمور بسيطة لكنها تترك أثرًا عميقًا في النفس وتجبر الخاطر.
جبر الخواطر في عيد الأضحى اليوم
في عصرنا الحالي، ومع تزايد التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تزداد الحاجة إلى إحياء سُنة جبر الخواطر. فعيد الأضحى ليس فقط مناسبة لذبح الأضاحي وتبادل التهاني، بل هو فرصة عظيمة لتطبيق هذا المبدأ النبوي عمليًا:
* مد يد العون: البحث عن الأسر المتعففة والجيران المحتاجين، وتقديم المساعدة لهم، سواء كانت مادية أو معنوية.
* تفقد الأقارب والأرحام: السؤال عنهم، وزيارتهم، والتأكد من أنهم بخير، ومشاركتهم فرحة العيد.
* نشر البهجة: إضفاء جو من الفرح والسرور على من حولنا، بالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة.
* دعم أصحاب الحاجات الخاصة: تذكر من يمرون بظروف صحية أو نفسية صعبة، وتقديم الدعم والمساندة لهم.
الخاتمة
إن جبر الخواطر في عيد الأضحى هو تجسيد حقيقي لروح الإسلام السمحة، ولتعاليم نبي الرحمة صل الله عليه وسلم. إنه دعوة لنا جميعًا لننظر إلى من حولنا بعين الرحمة والعطف، ونسعى جاهدين لإدخال السعادة على قلوبهم، لنحظى بالأجر العظيم من الله تعالى، ولنجعل من أعيادنا مناسبات حقيقية للتراحم والتآلف، على خطى نبينا الكريم صل الله عليه وسلم 🌹