مقالات

بيتهوفن وانتصاره على عالم الصمت

 

بقلم :

أ.د/ سهام أحمد رحمة الله

_____________________

 

بيتهوفن وموسيقاه الذى انتصر على عالم الصمت ، صمتت الأصوات لترك الموسيقى الكبير الذى يعد أحد أهم من أثرى الموسيقي الكلاسيكية بأعماله في عالم السكون ولكن الصمم لم يمنع بيتهوفن من الابداع ، حتى أنه كتب في هذه الفترة أفضل أعماله. شهدت مدينة بون الألمانية ميلاد الفنان العبقري لودفيج فان بيتهوفن Ludwig Van Beethoven ( 1770 ، 1827) وظهر تميزه الموسيقي منذ صغره فنشرت أولى أعماله وهو فى الثانية عشر من عمره ، واتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكر ثم زاد انتاجه وذاع صيته كمؤلف موسيقي . عاني بيتهوفن كثيراً فى حياته عائليًا وصحيًا بالرغم من أن أبيه هو معلمه الأول الذى وجه اهتمامه للموسيقي ووجهه للعزف على آلة البيانو والكمان ، إلا أنه لم يكن الأب المثالي ، فقد كان مدمنًا للكحول ، كما أن والدته توفيت وهو في السابعة عشر من عمره بعد صراع طويل مع المرض ، تاركه له مسئولية العائلة مما منعه من اتمام خطته للسفر إلى فينا عاصمة الموسيقي فى ذلك العصر.

والسؤال هنا هل كان التأليف الموسيقي هو نوع من أنواع العلاج والتغلب على المشاكل بالنسبة لبيتهوفن.

بدأ بيتهوفن يفقد سمعه في العشرينات من عمره وأحتاج وسيلة لسماع موسيقاه في تمكينه من مواصلة التأليف الموسيقي بجانب اعتمده على التخيل والسمع الداخلي فكان يتخيل ما يكتبه سمعاً داخلياً.

لهذا توصل إلى فكرة جديدة حيث وضع عصا داخل البيانو الخاص به ووضع طرفها الأخر بين أسنانه حيث انتقلت الذبذبات من البيانو عبر العصا خلال أسنانه وجمجمته ووصلت إلى قوقعة أذنه ، فمكنت هذه الفكرة بيتهوفن من أن يستمع بالقدر الكافي لمواصلة تأليفه الموسيقي وكتب بالفعل بعضا من أروع أعماله ، أثنان من السيمفونيات التي كتبها وهو أصم والتى حازت على أكبر شعبية وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة ، كما أنه أحدث الكثير من التغيرات فى الموسيقي وادخل الغناء والكلمات فى السيمفونية التاسعة بالرغم من اليأس الذى أصابه فى أوقات عديدة وكاد يصل به للانتحار إلا أنه قاوم ووجه طاقته كلها للإبداع الفني.

والمثير للدهشة أن بعض التجارب والدراسات أظهرت مؤخراً أن الدماغ لا تستقبل ذبذبات الموسيقي عن طريق السمع والأذنين فحسب بل أيضًا عن طريق أعضاء أخري مثل الجلد والعظام ، فالذبذبات الصوتية لا تصل إلى قوقعة إذنك عبر اذنك فقط. ولكن أيضًا عبر عظام جمجمتك وهذا ما يعرف بالتوصيل العظمي من خلال رسالة ذبذبات صوتية عبر عظام الجمجمة إلى قوقعة الأذن وإلى هذه الدرجة تكون الموسيقي نفاذه وذات سطوه في ملامستها الأعماق والأغوار.

العلاج بالموسيقي ليس وهما .. كيف تساعد موسيقي بيتهوفن على التخلص من القلق.

يمر هذا العالم 250 عاماً على ذكري ميلاد الموسيقار بيتهوفن ، ولم يمنعه فقدان سمعه من تأليف الموسيقى لمدة 27 عام ولكنه كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب الذي يجعله يتأرجح بين نوبات الاكتئاب ونوبات الابتهاج ، فتنعكس كل هذه المشاعر والأمزجة المختلفة في موسيقاه ، مما جعلها تستخدم بشكل مكثف فى العلاج بالموسيقي لأنها تدفع مجموعة من المشاعر المعقدة إلى الظهور ، وترتبط هذه المشاعر بالذكريات فلكل شخص نوع خاص من الموسيقي المفضلة لديه بعضها يثير لديه الذكريات السعيدة والبعض الأخر يشبع احساسه بالسعادة التي تعمل على أطلاق هرمون الاوكستوسين الذي يقلل الشعور بالتوتر والقلق.

ومن هنا نستطيع أن نقول : أن الموسيقي بالإضافة إلى نواحيها الجمالية ومساحاتها التي تُفتن وتوجج المشاعر ، فهي تحقق توازن الإنسان سيكولوجياً ، وفي بلوغه سلامُه الداخلي في بعض الأوقات ، وفى إلهامه وتنويره ومساعدته علي المواجهة والتحدي.

– 1 –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى