مقالات

الغرابة الجمالية مُقابل الغرابة الحياتية

في اعمال فاطمة منصور

بقلم / سيد جمعه

الغرابة هي ذلك الإنفعال الذي ينتابنا عندما نواجه بعض الأعمال الفنية الغريبة ؛ وهي إحساس جمالي يرتبط بالدهشة ، والإرتياب والشك والخوف والرعب او الفزع الشديد الذي نشعربه عندما نري بعض الأعمال الفنية او نسمعها ؛ هذه هي الغرابة الجمالية في مقابل الغرابةالحياتية . ”
د . / شاكر عبد الحميد
” في كتابه والفن والغرابة
مقدمة في تجليات الغريب في الفن والحياة ”
تذكرت هذه العبارة ؛ وانا استعرض لوحات الفنانة القديرة / فاطمة منصور .. ؛ ذلك أنها تُطلق شعورأ يولد الإحساس بــ ” الغرابة ” التي مَبعثُها الدهشة من تأملاتِها الفكرية في عالم المرأة الحياتي والواقعي ؛ والذي هو مُستقرٌ ، ليس فحسب في فِكرِها و وجدانِها كممثلةٌ عن عالم المرأة ؛ وقادرة أن تكون اصدقُ تعبيرا عن إحساسات المرأة ومبعثُ دهشتُها الكامن و الغائر في اعماق المرأة واحيانا بعضٌ من الفكر الإنساني بصفةٍ عامة .
إن القدرة علي نقل هذه الغرابة الحياتية الواقعية و المُعاشة في عالم المراة ؛ والتي تقترب احيانا من حافة القهر المعنوي و إقصاءٍ مُجمل مُتعنت في صورة ” تحييز ” و ” توصيفٍ مُتفقُ عليهِ ، وإنتزاع المرأة من مكانتها الفعلية والواقعية من حيثُ كونِها موازٍ طبيعي لثنائية الحياة الإنسانية كأمرٍ بديهي وخلقٍ إلهي إبداعي .
لقد خلت أعمَالها الإبداعية من المُباشرة ؛ فكانت تكويناتِها وتنوعِها مُتعددة و مًختلفة تحمل دلالات رمزية تُمثلُ الكثير من المشاعر والحالات الوجدانية مثل .. الإنتظارِ ، والقلقِ ، والترقبِ ، والخوفِ والحذرِ و الآلمِ ، والحسرةِ ؛ وذلك كلهُ من خلال هذه العيون ضيقةِ الحدقاتِ او مُتسعتُها أو حين تكون في غيرِ مكانها الطبيعي .
وكان من آياتِ إبداع الفنانة هذه الألوان ” الباهتة ” والمُختارة بدقة وعناية ؛ فقد صادفها التوفيق في هذا الإختيار لِتُمم بهِ عنصر الإتساق اللوني مع ” فكرة ” التعبير عن هذه المشاعر المختلطة والمُتعددة من الجوانب الوجدانية الكامنة داخل المرأة و هي في هذا الأسرِ و خلفَ السور البشري و اللامرئي ؛ الذي يحدد مسارها وحركتِها وأحينا يُكبل بعضاً من طاقاتِها الأنسانية .
كما أن الفنانة وهذا شيئُ يٌحسب لها ويُضيف إلي قدراتِها ؛ تمكنِها من توظيف مُجمل خِبراتِها و أدواتِها وخاماتِها ومهارتِها ؛ لتجسيد ” غرابةً جمالية مُقابل غرابة حياتية ” كما جاء في عبارة دكتورنا / شاكر عبد الحميد .
و إذا كانت هذه الإبداعاتِ تَحتملُ تعدد القراءات لها فإن خيارات الفنانة وهضمها الجيد للمذاهب الفنية ، مابين الإنطباعية ، والتأثيرية وصولا ً للتجريدية وتأثيركلٍ مِنها سواء في الألوان أو التكوين ذاتهُ أوغير ذلك من عناصر الصورة البصرية آخذة بِأدقِها واقربُها تعبيراً عن مخزونِها الفكري و البصري ، والوجداني ؛ و بحرفية تضعُ أعمالُها علي منصة الأبداع البصري .. لرؤية فكرية .

ســيــد جــمـعـــه
ناقد تشكيلي واديب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى