أخبار

أسعار الدروس الخصوصية تلتهم ميزانية الأسر المصرية

أعباء متزايدة.. "التعليم المجاني" على أعتاب الانهيار

 

تحقيق: مرام اللبان 

تحولت شوارع مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، في بداية العام الدراسي الجديد، إلى ساحات مزدحمة بالطلاب وأولياء الأمور أمام مراكز الدروس الخصوصية، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة، ويرفع المدرسون أسعار الحصص إلى مستويات قياسية، مما يضطر أولياء الأمور إلى التخلي عن بعض المواد، في مشهد يعكس أزمة التعليم المجاني الذي يبدو وكأنه على وشك الانهيار.

وقد رصد موقع وجريدة “ترند 24” طوابير من الطلاب أمام أشهر المراكز التعليمية بالزقازيق، حيث تتفاوت أسعار الدروس الخصوصية بشكل كبير حسب المادة الدراسية والمرحلة التعليمية (ابتدائي، إعدادي، ثانوي)، بالإضافة إلى المنطقة الجغرافية.

وتتراوح أسعار الحصة الواحدة بين 25 جنيهًا في الأحياء الشعبية للمرحلة الابتدائية، وتصل إلى 100 جنيه أو أكثر في الأحياء الراقية للمرحلة الثانوية، خاصةً في الدروس الفردية “الخاصة”. وتعتمد هذه الأسعار أيضًا على خبرة المعلم وسمعته.

أولياء الأمور في مرمى النيران

تقول “عفاف عبد العزيز”، ولية أمر، إن لديها ابنًا في الصف السادس الابتدائي وابنة في الصف الثالث الإعدادي، وتتحمل ما يقارب 3 آلاف جنيه شهريًا للدروس الخصوصية، وتضيف: “المبلغ يفوق إمكاناتنا، لكننا مضطرون لأن المدرسة وحدها لا تكفي”.

ويرى العديد من أولياء الأمور أن الدروس الخصوصية أصبحت عبئًا لا غنى عنه، فهي السبيل الوحيد لفهم المواد رغم تكلفتها الباهظة، مما يؤثر بشكل كبير على ميزانية الأسرة، لكنهم يضطرون للاستمرار حفاظًا على مستقبل أبنائهم.

الدروس الخصوصية _ صورة أرشيفة

الدروس الخصوصية: طوق نجاة أم عبء على الطلاب؟

يؤكد عدد كبير من طلاب الثانوية العامة أن الدروس الخصوصية لم تعد رفاهية. تقول “شروق جاد”، طالبة بالصف الثالث الثانوي الأزهري: “أدرس 17 مادة، ولكني ألجأ إلى الدروس الخصوصية في 8 مواد فقط، وتبلغ تكلفة المادة الواحدة 300 جنيه، باستثناء مادة الرياضيات التي تصل إلى 600 جنيه”.

وتشير شروق إلى أن إجمالي ما تنفقه شهريًا يقارب 2700 جنيه، بخلاف مصاريفها اليومية، وتؤكد أنها لا تستطيع الاستغناء عن الدروس، فهي المصدر الأساسي لفهم المواد، خاصة العلمية.

وتضيف “بوسي الدهتوري”، طالبة بالصف الثالث الثانوي العام: “أحرص على حضور دروس في خمس مواد فقط، لأن الشرح فيها أوضح وأسهل في الاستيعاب مقارنة بالمدرسة، حيث لا نجد الشرح الكافي، والمشكلة الحقيقية تكمن في الارتفاع الكبير للأسعار، فليست كل الأسر قادرة على تحمل هذه النفقات، وهو ما يُعد أزمة كبيرة”.

المعلمون بين رسالة التعليم وضغوط المعيشة

تقول المعلمة “بسنت نشأت”، مدرسة للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، إنها تحاول تخفيف الأعباء عن أولياء الأمور ذوي الظروف المعيشية الصعبة، وأن أكبر مشكلة تواجهها هي التدخل المبالغ فيه من بعض أولياء الأمور، وإهمالهم متابعة أبنائهم في المنزل.

كما أكدت أن المشكلة لا تقتصر على ارتفاع الأسعار أو ضعف مستوى الطلاب، بل تمتد إلى طبيعة المنظومة نفسها، حيث إن الوقت المتاح في المدارس غير كافٍ، وهناك معلمين في المدارس يربطون نجاح الطلاب بالالتحاق بدروسهم الخصوصية، حيث يقال للطلاب صراحة: “لن تنجح إلا إذا كنت عندي في الدرس”.

بسنت نشأت

ويرى مدرس لغة عربية (رفض الكشف عن هويته)، أن لجوء الطلاب للدروس الخصوصية سببه تراجع مستوى التعليم بالمدارس، مما جعل الدروس الوسيلة الأساسية للفهم، وأن ارتفاع أسعارها مرتبط بزيادة الأعباء المعيشية.

من جهتها، توضح المعلمة “نور عبد العال”، مدرسة لغة إنجليزية للمرحلة الابتدائية، أن أسعار الدروس الخاصة لا تخضع لمعيار ثابت، بل هي أشبه بـ”العرض والطلب”.

وتضيف أن ارتفاع الأسعار أمر طبيعي في ظل زيادة تكاليف المعيشة، وتختم بقولها: “الدروس الخصوصية في المنازل أصبحت رفاهية أكثر من كونها ضرورة، ومن لا يستطيع تحمل تكلفتها يمكنه اللجوء إلى المجموعات أو المراكز”.

نور عبدالعال

بين الحلال والحرام.. موقف الشيوخ من الدروس الخصوصية

أوضح الداعية الإسلامي “إسلام سباق” أن الدروس الخصوصية، أو ما يُعرف بـ”دروس التقوية”، هي حاجة مشروعة للطالب، ووسيلة إضافية للفهم وتثبيت المعلومات، ولكنه شدّد على أن المشكلة تظهر عندما يتخلى المعلم عن دوره في المدرسة عمدًا لإجبار الطلاب على الدروس الخاصة، معتبرًا أن هذا الأسلوب يدخل في باب الاستغلال، وأن أمواله تُعد غير مشروعة.

الداعية الإسلامية إسلام سباق

نداء للتدخل لإنقاذ التعليم

في النهاية ناشد أولياء الأمور والطلاب الدكتور محمد عبداللطيف وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وأجهزة الدولة سرعة التدخل لوضع حلول لأزمة الدروس الخصوصية، التي تحولت من وسيلة مساعدة إلى عبء ثقيل يستنزف دخل الأسر، مع وضع حلول عملية تعيد للمدرسة دورها الأساسي، وتخفف من الأعباء المالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى