حوادث

رصاص يغتال بطلة الجودو.. صدمة في الوسط الرياضي والأسرة

مقتل بطلة الجودو دينا علاء على يد زوجها

تقرير – أمنية السيد 

لم تكن دينا علاء تعرف أن آخر معركة ستخوضها لن تكون على بساط الجودو، بل بين جدران شقتها، في مواجهة رصاصات غادرة أنهت حياتها أمام طفليها، الحادث ترك صدمة كبيرة داخل الوسط الرياضي، الذي لا يزال يعيش حالة من الذهول، بينما تواصل جهات التحقيق جهودها لكشف ملابسات الجريمة الغامضة.

دينا علاء.. بطلة على البساط ووجه مألوف على السوشيال ميديا

الراحلة دينا علاء، لاعبة جودو مصرية في نادي سموحة، وأم لطفلين كانت تقيم مع أسرتها في الإسكندرية، عُرفت بحضورها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتادت مشاركة جمهورها عبر إنستجرام وتيك توك بمحتوى يهتم بالعناية بالبشرة وتنسيق الملابس، فيما أبقت حسابها على فيسبوك خاصًا ومغلقًا على الأصدقاء، وكان آخر ما نشرته قبل الحادث المأساوي مقطع فيديو مؤثر احتفالًا بذكرى زواجها، كتبت فيه لزوجها: “أنت أعظم إنجازاتي”، في رسالة كشفت عن جانب إنساني مليء بالحب والدعم قبل أن يغيّبها الموت المفاجئ.

كما كانت قد دوّنت منشورًا عبر فيسبوك قبل أيام قليلة من وفاتها، روت فيه تساؤلًا صادمًا من أحد طفليها الذي قال لها: “ماما، أنت بعد ما تموتي هنعيش مع جدو وتيتا ولا مع بابا؟”، وهو ما اعتبره المقربون منها إشارة غريبة ومؤثرة سبقت رحيلها”.

دينا علاء بطلة الجودو                                       

مشادة زوجية تنتهي بجريمة أمام الأطفال

تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا من قسم شرطة الرمل أول بالإسكندرية يفيد بسماع دوي إطلاق نار داخل شقة بمنطقة جناكليس، وبانتقال قوات الأمن إلى موقع البلاغ، عُثر على جثمان لاعبة الجودو دينا علاء غارقًا في دمائها، فيما وُجد زوجها مصابًا بطلق ناري، وتم نقله إلى المستشفى ووضعه تحت الملاحظة بالعناية المركزة، وأشارت التحريات الأولية إلى أن السلاح المستخدم في الحادث مملوك للزوج، وأن مشادة كلامية نشبت بينه وبين المجني عليها انتهت بجريمة مأساوية أمام طفليهما.

من جانبها، تواصل النيابة العامة تحقيقاتها في واقعة مقتل اللاعبة دينا علاء، وقررت التصريح بدفن الجثمان بعد انتهاء إجراءات التشريح بمعرفة الطب الشرعي، فيما يرقد زوجها داخل العناية المركزة بأحد مستشفيات الإسكندرية، في حالة صحية حرجة.

وأمرت النيابة العامة بسرعة إنجاز تقرير الصفة التشريحية الخاص بالراحلة دينا علاء، كما أرسلت السلاح الناري المضبوط في موقع الحادث إلى المعمل الجنائي لفحصه ومطابقته مع فوارغ الطلقات التي عُثر عليها بجوار الجثمان والأعيرة النارية المستخرجة منها، كما استدعت النيابة عددًا من شهود العيان من جيران الضحية للاستماع إلى أقوالهم.

شهادة الجيران تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الحادث المأساوي

تواصل النيابة العامة تحقيقاتها في واقعة وفاة اللاعبة دينا علاء، حيث استمعت لأقوال عدد من شهود العيان من الجيران، وأكد أحدهم أنه في صباح يوم الجمعة سمع مشادة كلامية داخل شقة المجني عليها، أعقبها صراخ وبكاء من أطفالها، قبل أن يسمع دوي إطلاق نار صادرًا من الشقة.

وأوضح الشاهد أنه توجه مسرعًا إلى شقة المجني عليها فور سماع دوي الطلقات، وطرق الباب، ليقوم أحد الطفلين بفتحه، حيث فوجئ بوجود دماء على الأرض وجثة اللاعبة ملقاة داخل الشقة، فيما كان زوجها ممددًا بجوارها مصابًا بطلق ناري، وعلى الفور بادر الشاهد بإبلاغ قوات النجدة.

بيانات النعي تتوالى.. صدمة في الوسط الرياضي بعد رحيل دينا علاء

تفاعلت الأوساط الرياضية مع خبر وفاة لاعبة الجودو دينا علاء، حيث أصدرت وزارة الشباب والرياضة بيانًا نعتها فيه، مؤكدة أنها كانت مثالًا للإخلاص والتفاني في المجال الرياضي، وداعية الله أن يلهم أسرتها وذويها الصبر والسلوان.

من جانبه، أصدر نادي سموحة برئاسة المهندس محمد فرج عامر بيانًا رسميًا، نعى فيه لاعبة الجودو دينا علاء التي لقيت مصرعها في الحادث المأساوي، وأكد النادي في بيانه: “بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ننعي فقيدة النادي والرياضة اللاعبة دينا علاء، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته، ويلهم أسرتها وذويها الصبر والسلوان”.

وشدد نادي سموحة على أن رحيل اللاعبة دينا علاء يُعد خسارة فادحة للنادي وللرياضة المصرية عمومًا، مؤكدًا أنها كانت مثالًا للأخلاق الرفيعة، إلى جانب ما امتلكته من موهبة ومهارات بارزة داخل البساط وخارجه.

عوامل نفسية وضغوط اقتصادية وراء تفاقم العنف الأسري

وفي حين لم تكشف التحريات الأولية بعد عن دوافع الجريمة، فقد وصفها بعض المستخدمين بأنها جريمة عنف أسري جديدة، داعين إلى تعزيز آليات حماية النساء والأطفال من الانتهاكات التي قد تؤدي إلى مآسٍ مشابهة.

وقالت الخبيرة الأسرية والاجتماعية المصرية، داليا الحزاوي، إنه “إذا صحت الترجيحات بأن الزوج هو الجاني، فإن الحادث يحتاج إلى وقفة لبحث العوامل التي تؤدي إلى هذا السلوك العدواني”، مضيفة: “هناك عوامل عدة قد تدفع أحد أفراد الأسرة لارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة، منها الاضطرابات النفسية مثل مرض الفصام، الذي قد يدفع الشخص إلى تصرفات عنيفة دون إدراك أو وعي، والضغوط النفسية والاقتصادية الناتجة عن فقدان العمل أو العجز عن توفير احتياجات الأسرة، ما يولد شعورًا بالإحباط والغضب”.

الخبيرة الأسرية والاجتماعية المصرية، داليا الحزاوي.                  

وأكملت الخبيرة الأسرية: “من بين العوامل أيضًا تعاطي المخدرات بأنواعها، التي تؤثر على الإدراك وتضعف السيطرة على السلوك، وكذلك التأثر بالمحتوى العنيف في وسائل الإعلام، خصوصًا الأفلام التي تطبع مشاهد العنف في الوعي وتُضعف الحساسية تجاهها”، وأكدت على أهمية التدخل المبكر واللجوء إلى المختصين النفسيين والاجتماعيين عند ملاحظة أي سلوك عنيف أو تهديد داخل الأسرة، مشددة أن “الوقاية تبدأ من لحظة الانتباه، قبل أن تتفاقم الأوضاع وتخرج عن نطاق السيطرة”.

دعوة لإعادة بناء منظومة القيم داخل الأسرة المصرية

أوضح أستاذ كشف الجريمة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر الدكتور فتحي قناوي، أنه “في إطار الجدل المثار حول مقتل بطلة الجودو دينا علاء، وعدم وضوح الصورة كاملة، فإن الحقيقة لن تتأكد إلا من خلال التحقيقات الرسمية التي تجريها الشرطة والنيابة العامة”، داعيًا إلى التركيز على الأسباب الجذرية لمثل هذه الحوادث الأسرية، قائلًا: إن “جريمة مقتل بطلة الجودو دينا علاء ليست حادثًا فرديًا منعزلًا، بل يعكس خللًا أعمق في بنية العلاقات الأسرية، يبدأ من غياب الأسس السليمة لاختيار الشريك”.

وحذر الخبير من أن “العنف الأسري في مصر، رغم عدم وصوله إلى مستوى الظاهرة، فإنه يشهد ازديادًا مقلقًا يتناسب طرديًا مع النمو السكاني وتراجع دور الأسرة، حيث باتت “السوشيال ميديا” المرجع الأساسي في حل النزاعات بدلًا من الحوار الداخلي أو اللجوء إلى كبار العائلة”.

أستاذ كشف الجريمة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر الدكتور فتحي قناوي                          

واختتم الخبير: “لا يمكننا فهم أو تفسير مثل هذه الجرائم دون العودة إلى جذورها التربوية والاجتماعية، فالمطلوب اليوم هو وقفة جادة من الدولة بكل مؤسساتها لإعادة بناء منظومة القيم داخل الأسرة المصرية، التي أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة والقضاء على مثل هذه الجرائم الأسرية”.

رحيل بطلة الجودو.. جرس إنذار للعنف الأسري

رحيل دينا علاء لم يكن مجرد فقدان رياضية موهوبة، بل صدمة كشفت عن جرحٍ أعمق في جسد المجتمع، اسمه “العنف الأسري”، جريمة أنهت حياة بطلة على البساط وأم لطفلين، لكنها تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات ملحة: كيف يمكن حماية الأسر من الانهيار؟ وكيف نعيد للقيم دورها في مواجهة الضغوط النفسية والاقتصادية؟، رحلت دينا تاركة خلفها قصة تراجيدية مؤلمة، لكنها في الوقت نفسه دعوة صريحة لإعادة النظر في جذور العلاقات الأسرية، حتى لا تتكرر المأساة مع بطلة أخرى أو أم جديدة تُفجع بها عائلة ووطن بأكمله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى