أخبار
أخر الأخبار

أنظار العالم تتجه إلى الجيزة.. مصر تستعد لافتتاح أضخم متحف للآثار

استعدادات ضخمة لحدث عالمي

تقرير: ليالي أحمد عامر

تترقب أنظار العالم في الأول من نوفمبر المقبل حدثًا تاريخيًا طال انتظاره، مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، الذي يعد أضخم متحف للآثار في العالم ومشروعًا حضاريًا يجسد عظمة مصر القديمة وحداثتها المعاصرة. يقف المتحف كمنارة معمارية وثقافية فريدة عند أقدام الأهرامات، ليحكي قصة حضارة امتدت لآلاف السنين، ويشكل نافذة جديدة على كنوز الفراعنة أمام الزوار من مختلف أنحاء العالم.

انطلاق فكرة المتحف وتطويره

انطلقت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير منذ تسعينيات القرن الماضي، لترى النور رسميًا عام 2002 مع وضع حجر الأساس لهذا المشروع الضخم في موقع استراتيجي يطل على أهرامات الجيزة الخالدة. أعلنت مصر، برعاية منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة دولية لاختيار أفضل تصميم معماري للمتحف، وفاز بها مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي، الذي اعتمد في رؤيته على محاكاة أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة لتلتقي عند كتلة مخروطية تجسد مبنى المتحف.

بدأ العمل فعليًا في مايو 2005، حيث جرى تمهيد الموقع وتجهيزه، وفي العام التالي تم إنشاء أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط، خصص لحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المقرر عرضها بالمتحف، وقد افتُتح هذا المركز بالفعل عام 2010.

الهيئات المسؤولة والتنظيم

في عام 2016 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء هيئة خاصة لإدارة وتنظيم المتحف المصري الكبير، ثم جرى إعادة تنظيمها بالقانون رقم 9 لسنة 2020 كهيئة عامة اقتصادية تتبع وزارة السياحة والآثار. كما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا بتشكيل مجلس أمناء للهيئة برئاسته، يضم نخبة من الشخصيات والخبراء المصريين والدوليين، يتولى وضع السياسات العامة ودعم نشاط المتحف. ويعاونه مجلس إدارة برئاسة وزير السياحة والآثار وعضوية قيادات بارزة من المجلس الأعلى للآثار وهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية وهيئة تنشيط السياحة، إلى جانب خبراء متخصصين في مجالات الآثار والاقتصاد والقانون والإدارة والتسويق.

حجم المبنى ومقتنياته

اكتمل تشييد مبنى المتحف عام 2021 على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ليضم قاعات عرض تُعد الأكبر من نوعها مقارنة بالعديد من المتاحف العالمية. ويُعتبر المتحف المصري الكبير واحدًا من أبرز إنجازات مصر الحديثة، صُمم ليكون منارة حضارية وثقافية عالمية، ووجهة رئيسية لعشاق التاريخ والتراث، حيث يروي عبر مقتنياته قصة الحضارة المصرية القديمة منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

ويحتضن المتحف أكثر من مئة ألف قطعة أثرية نادرة، في مقدمتها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة بصورة متكاملة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، إلى جانب مجموعة الملكة حتب حرس والدة الملك خوفو، ومراكب الملك خوفو، فضلًا عن كنوز أخرى تغطي مختلف الحقب التاريخية.

المرافق والخدمات

يشمل المتحف مرافق متكاملة للأنشطة الثقافية والتعليمية والترفيهية، مثل متحف للأطفال، مركزًا للتعليم، قاعات للمعارض المؤقتة، سينما، ومركزًا للمؤتمرات، إلى جانب مناطق تجارية بها محلات ومطاعم وكافيتريات وحدائق ومساحات عامة. وفي 2021، جرى توقيع عقد مع تحالف “حسن علام” لتشغيل خدمات الزائرين، مستعينًا بخبرات مصرية ودولية في مجالات الإدارة والتسويق والضيافة والترويج، لضمان تقديم تجربة متكاملة للزوار.

تكثف الدولة المصرية استعداداتها لاستقبال حدث افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث تجرى أعمال تشطيبات نهائية بالمبنى وقاعات العرض، إلى جانب تجهيز أنظمة الإضاءة والتقنيات الحديثة للعرض المتحفي. كما تم رفع كفاءة الطرق المؤدية للمتحف، وتطوير محيط المنطقة بالكامل لتسهيل حركة الزوار. ومن المقرر أن يشهد الافتتاح حضورًا رفيع المستوى من قادة وزعماء العالم، إلى جانب وفود إعلامية وسياحية دولية، بما يعكس مكانة مصر كوجهة حضارية وسياحية عالمية.

موقع استراتيجي عند أقدام الأهرامات

يقع المتحف المصري الكبير في محافظة الجيزة، على بُعد نحو كيلومترين فقط من هضبة الأهرامات وأبو الهول. وقد تم اختيار هذا الموقع بعناية ليجمع بين عظمة الماضي والحاضر، فيصبح المتحف امتدادًا طبيعيًا للمنطقة الأثرية الأهم في العالم، وواجهة سياحية متكاملة تربط بين عظمة التاريخ المصري القديم ومتطلبات السياحة الحديثة.

الموعد والتأجيلات

كان الموعد الرسمي الأول لافتتاح المتحف محددًا في 3 يوليو 2025، تزامنًا مع ذكرى تولي الرئيس السيسي الحكم، لكن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أعلن تأجيل الافتتاح إلى الربع الأخير من العام 2025.

أسعار التذاكر للزوار المحليين والدوليين

المصريون

تبلغ تذكرة الزائر البالغ 200 جنيه مصري، بينما تصل تذكرة الطلاب وكبار السن 100 جنيه مصري. ويشمل الإعفاء الكامل فئات محددة، منها: ذوو الإعاقة البصرية، أسر الشهداء والمحاربون القدماء، أعضاء المجلس الدولي للمتاحف (ICOM)، المرشدون السياحيون والعاملون في وزارة السياحة والآثار، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب المصريون في جامعات الآثار والتاريخ والسياحة والفنون.

الزوار الأجانب

تبلغ تذكرة الزائر البالغ 600 جنيه مصري، بينما تصل تذكرة الطلاب 300 جنيه مصري. ويمكن للزوار الحصول على جولات إرشادية مدفوعة تشمل شرحًا تفصيليًا للمقتنيات، بالإضافة إلى عروض خاصة للأطفال والفعاليات الثقافية، مع إمكانية الحجز الإلكتروني مسبقًا لتسهيل الدخول.

يعد افتتاح المتحف المصري الكبير لحظة تاريخية مهمة لمصر، حيث يقدم نافذة فريدة على حضارتها العريقة وكنوز الفراعنة. المتحف ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل تجربة تعليمية وثقافية متكاملة لكل الزوار، ويجسد طموح مصر في أن تكون وجهة عالمية للسياحة والتراث. ومع هذا الإنجاز الكبير، يلتقي الماضي العريق بالحاضر الحديث ليترك أثرًا لا يُنسى في كل من يزوره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى