ثقافة وفن

أنغام بين الإبداع والأزمات.. مسيرة نجمة لا تعرف الغياب

أنغام.. رحلة فنية بين المجد والمرض

تقرير – أمنية السيد

ولدت أنغام محمد علي سليمان في الإسكندرية يوم 19 يناير 1972، وسط عائلة فنية عريقة، فوالدها هو الموسيقار الكبير محمد علي سليمان، وعمها الفنان الراحل عماد عبد الحليم، هذه البيئة الفنية خصبت موهبتها منذ الصغر ومهدت لها الطريق لدخول عالم الغناء في سن مبكر جدًا.

 البدايات وصعود النجومية

انطلقت المسيرة الفنية لأنغام وهي لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها، بعدما تم اعتمادها رسميًا كفنانة في الإذاعة والتلفزيون المصري، وفي عام 1987 أصدرت أول ألبوماتها بعنوان “الركن البعيد الهادي”، لتبدأ رحلة استثنائية استمرت لأكثر من ثلاثة عقود، استطاعت خلالها أن تثبت مكانتها بصوتها الطربي وقدرتها على أداء ألوان متعددة من الغناء.

رحلة فنية متجددة بين التحولات والنجاحات

شهد منتصف التسعينيات تحولًا كبيرًا في مشوار أنغام، حين قررت أن تنفصل عن النمط الكلاسيكي الذي رسمه لها والدها، لتصنع شخصيتها الفنية الخاصة، هذا القرار كان نقطة فاصلة، إذ جمعت فيه بين الأصالة والمعاصرة ونجحت في بناء هوية غنائية مستقلة رسختها بين نجمات جيلها.

أنغام                                               

خلال التسعينيات، حققت انطلاقتها الكبرى نحو النجومية بألبومات وأغنيات شكلت علامات فارقة، من بينها “عمري معاك”، “كل ما نقرب”، “سيدي وصالك”، و”أكتبلك تعهد”، كما خاضت تجربة التمثيل عبر مسلسل “في غمضة عين” عام 2012، لتضيف بعدًا جديدًا لمسيرتها.

واصلت نجاحها بألبوم “أحلام بريئة” عام 2015، ثم “حالة خاصة جدًا” عام 2019 الذي لاقى صدى واسعًا، وصولًا إلى ألبومها الأخير “تيجي نسيب” عام 2024 الذي رسخ حضورها بين الأجيال، وعلى مدار مشوارها، طرحت أكثر من 27 ألبومًا غنائيًا جعلتها واحدة من أبرز الأصوات العربية وأكثرهن تأثيرًا.

أنغام.. ملكة الإحساس وحكاية الجوائز والتكريمات

حصدت أنغام على مدار رحلتها الفنية عددًا كبيرًا من الجوائز والتكريمات داخل مصر وخارجها، تميزت بقدرتها على التحكم في مشاعر مستمعيها، الأمر الذي منحها لقب “ملكة الإحساس”، وأكد مكانتها كأحد أهم الأصوات في العالم العربي.

لم تتوقف موهبة أنغام عند الغناء فقط، بل امتدت إلى التمثيل والتقديم التلفزيوني، شاركت في عدد من الأعمال الدرامية أبرزها مسلسل “في غمضة عين” عام 2012، كما قدمت برنامجها الخاص “أنغام” على قناة DMC، الذي استضافت فيه نخبة من نجوم الغناء والفن.

احتفال “تيجي نسيب”.. بصمة جديدة

شهدت أنغام مؤخرًا احتفالًا خاصًا بإطلاق ألبومها الجديد “تيجي نسيب”، بحضور لافت لعدد من نجوم الفن والإعلام، من بينهم الملحن حسن الشافعي، الشاعر أمير طعيمة، الفنان أكرم حسني، الإعلامية لميس الحديدي، والسيناريست تامر حبيب، وجاءت المناسبة لتؤكد أن الألبوم لم يكن مجرد إصدار فني جديد، بل محطة تكرس حضور أنغام كأيقونة موسيقية متجددة تحظى بدعم واسع من جمهورها وزملائها في الوسط الفني.

الجمهور.. السند الحقيقي

لم تقتصر مكانة أنغام على كونها مطربة صاحبة صوت مميز، بل امتدت لتصبح صاحبة رحلة إنسانية مؤثرة ألهمت جمهورها عبر العقود، فقد اعتاد المستمعون أن يجدوا في أغانيها انعكاسًا صادقًا لمشاعر الحب والفقد والألم، ما جعلها تحافظ على مكانة راسخة في قلوب محبيها، الذين لم يترددوا في مؤازرتها في لحظات الفرح كما في أوقات الأزمات.

أنغام بين محنة المرض ودعم الجمهور

في عامي 2023 و2024، واجهت أنغام أزمة صحية حرجة بعد تعرضها لمضاعفات خطيرة نتيجة مشكلات نسائية استلزمت تدخلًا جراحيًا عاجلًا، وقد دخلت على إثرها العناية المركزة، ما أثار حالة من القلق الشديد بين جمهورها وزملائها في الوسط الفني.

وسرعان ما تحولت أزمتها إلى حديث منصات التواصل الاجتماعي، حيث انهالت رسائل التضامن والدعاء من ملايين المتابعين والفنانين، من بينهم إليسا وأصالة وأحلام، الذين عبروا عن دعمهم الكامل لها، وبعد تجاوز المرحلة الصعبة وخروجها من المستشفى، خرجت أنغام برسالة مؤثرة وجهتها لجمهورها، مؤكدة امتنانها لكل من ساندها، ومشددة على أن الغناء بالنسبة لها ليس مجرد مهنة، بل حياة لا يمكن أن تتخلى عنها.

مرحلة جديدة من العلاج في ألمانيا

وبعد مرور أشهر على تجاوز تلك الأزمة، عادت أنغام لتواجه تحديًا صحيًا آخر في عام 2025، حيث خضعت لعملية جراحية دقيقة في أحد المستشفيات بألمانيا لاستئصال جزء من كيس حميد على البنكرياس، ومن المقرر أن تبقى تحت الملاحظة الطبية حتى تستقر حالتها تمامًا، وأكد مقربون منها أن حالتها تشهد تحسنًا تدريجيًا رغم صعوبة العملية، بعدما تمكن الأطباء من إزالة الجزء الأكبر من الكيس وترك جزء بسيط للمتابعة لاحقًا.

ورغم معاناتها من بعض الآلام الحادة، بدأت أنغام في تناول كميات بسيطة من الطعام وشرب الماء، كما تمكنت من المشي لمسافات قصيرة، بينما وصف الأطباء حالتها بأنها مستقرة نسبيًا، وقد حرصت أنغام على طمأنة جمهورها، مؤكدة أن ما تعانيه لا علاقة له بالشائعات التي تم تداولها، وأنها في طريقها للتعافي استعدادًا للعودة إلى نشاطها الفني وتسجيل أعمال غنائية جديدة.

الحضور الرقمي لأنغام.. أيقونة تتصدر السوشيال ميديا

أثبتت أنغام حضورًا لافتًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بات اسمها من أكثر الأسماء تداولًا مع كل ظهور جديد، سواء عبر أخبارها الفنية أو تفاصيل أزماتها الإنسانية، وتصدرها المستمر للتريند يعكس مكانتها الراسخة وقوة تأثيرها في الوسط الفني والجمهور على حد سواء.

أنغام.. مسيرة فنية تكرّس مكانتها في تاريخ الغناء العربي

تجاوزت أنغام حدود كونها مجرد صاحبة صوت عذب، لتصبح قصة نجاح متكاملة جمعت بين القوة الفنية والبعد الإنساني، فمن نشأتها في بيت موسيقي، مرورًا بمحطات مشوارها الطويل المليء بالنجاحات والتحولات، وصولًا إلى أزمتها الصحية الأخيرة، ظلت حاضرة كـ “صوت الإحساس” الذي يعكس مشاعر الجمهور ويترجم وجدانهم، لتبقى أنغام واحدة من أبرز علامات الموسيقى العربية الحديثة، وصوتًا لا يغيب مهما اشتدت الأزمات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى