ثقافة وفن

العنف ضد المرأة في مصر.. أرقام صادمة وتحديات بلا نهاية

العنف ضد المرأة في مصر: تحديات وحلول

تقرير : سلسبيل وليد

مقدمة:

العنف القائم على النوع الاجتماعي “Gender-Based Violence – GBV” يُقصد به أي فعل أو امتناع عن فعل يُلحق ضررًا بدنيًّا أو جنسيًّا أو نفسيًّا ضد النساء أو الفتيات، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة ،العنف ده من أهم القضايا الحقوقية والاجتماعية التي تؤثر ليس فقط على الضحية بل على الأسر والمجتمع ككل، ومن الناحية الاقتصادية أيضًا.

حجم المشكلة والإحصائيات

حوالي 7.8 مليون امرأة في مصر يتعرضن لأشكال من العنف سنويًا، سواء من الزوج، الخطيب، أفراد الأسرة، أو من الغرباء في الأماكن العامة.

نسبة العنف من الزوج أو الخطيب تمس عدد كبير من هؤلاء النساء

تقرير من مؤسّسة إدراك لرصد جرائم العنف الجنساني في 2023 سجّل 950 حالة تشمل femicide (القتل المبني على النوع الاجتماعي)، وعنف جسدي شديد، واغتصاب، وتحرش. 

في سنة 2020، تمّ رصد 415 جريمة عنف جنسي ضد النساء والفتيات من قبل إدراك، مع ارتفاع ملحوظ خلال النصف الثاني من السنة.

الأبعاد القانونية والسياسية

الدستور المصري “2014” يحتوي على مواد تنص على المساواة بين الرجل والمرأة، وعلى حماية المرأة من التمييز والعنف. 

هناك تشريعات تم تعديلها لإدخال مواد تمنع التحرش الجنسي، وتشديد العقوبات في بعض القوانين الجنائية لحماية الضحايا. 

بالرغم من وجود بعض التشريعات، هناك نقص في قانون موحَّد شامل يعالج العنف المنزلي بكافة أشكاله، وتحديات كبيرة في التنفيذ والتبليغ والإجراءات القضائية.

التحديات والعقبات

قلة التبليغ

كثير من ضحايا العنف لا يبلغن السلطات بسبب الخوف من المجتمع، الخجل، ضعف الدعم القانوني، أو عدم ثقة في الجهات المختصة. 

العقبات الثقافية والاجتماعية

توجد مفاهيم اجتماعية وأعراف تحمي المرتكب أو تُبرره أحيانًا، أو تمنع الضحية من التحدث ، كما أنّ بعض القوانين تكون غير واضحة أو تنفيذها ضعيف. 

الفجوة بين التشريع والتنفيذ: بالرغم من وجود قوانين، لكن التنفيذ القضائي، الخدمات الصحية، المراكز الاجتماعية، التدخّلات الوقائية والتوعية ليست منتشرة بما فيه الكفاية.

الأثر النفسي والصحي

الأضرار لا تكون فقط الجسدية بل النفسية؛ والتأخر في العلاج أو التبليغ يزيد من المضاعفات.

المبادرات والحلول التي تُطبّق

الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة “2015–2020” كانت خطوة مهمة لمعالجة العنف بكل أشكاله، تشمل التوعية، التدريب، التشريعات، الخدمات. 

مؤسّسات المجتمع المدني مثل إشراك إدراك لرصد الجرائم وتوثيقها، مما يساعد في رفع الوعي وتقديم الدعم القانوني والنفسي. 

التعديلات التشريعية التي تشمل تشديد العقوبات على التحرش، حماية هوية الضحايا، وتنظيم بعض الإجراءات لتسريع القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي. 

قصص وحالات مرصودة

من تقرير إدراك لعام 2023: 

من بين 950 حالة مسجلة من العنف القائم على النوع، كان هناك 364 حالة قتل femicide، و81 حالة اغتصاب. 

في عام 2020 تمّ تسجيل حالات كثيرة في النصف الثاني من العام، حيث زادت حالات العنف مع ظروف الجائحة.

التوصيات

قانون شامل للعنف المنزلي: 

قانون يغطي كل أشكال العنف المنزلي — الجسدي، النفسي، الجنسي، الاقتصادي — مع آليات واضحة للتبليغ والحماية.

تعزيز التنفيذ والتوعية 

ضمان أن تكون الجهات التنفيذية (الشرطة، النيابة، المحاكم، المراكز الصحية) مُدربة جيدًا للتعامل بحساسية مع حالات العنف ،حملات توعية للمجتمع لتغيير المفاهيم التقليدية التي تُبرر العنف.

دعم الخدمات للضحايا

توفير مراكز إيواء مؤقتة، دعم نفسي، دعم قانوني مجاني، خطوط ساخنة، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية بدون عائق.

تحسين البيانات والرصد

تحديث بيانات سنوية دقيقة للعنف المنزلي والعنف في الأماكن العامة، مع تقسيم حسب المحافظة، العمر، النوع، وغيرها من الفئات “مثلاً ذوات الإعاقة”، هذا يساعد في استهداف السياسات.

التكامل بين الجهات المعنية 

تعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والقطاع الصحي لتنسيق الخدمات، التشريعات، المبادرات المجتمعية.

التركيز على الفئات الهشة

مثل النساء ذوات الإعاقة، القاطنات في القرى / الصعيد، الفتيات المراهقات، والأقليات، لأنهن غالبًا الأكثر تضررًا ولا يُمنَح لهن نفس الحماية.

خاتمة:

في النهاية يبقى العنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر واقعًا يؤثر في ملايين النساء بشكل يومي، التغيير الحقيقي يتطلب أكثر من القوانين، التزامًا مجتمعيًا، تنفيذًا فعليًّا، ودعمًا مستدامًا للضحايا ، فقط حين يُحترم حق المرأة في الأمان والكرامة، نستطيع القول إن المجتمع قد تحرك نحو العدالة الحقيقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى