العلاقات الإلكترونية.. كيف تحمي نفسك من فخ الحب الافتراضي؟
توصيات عملية لحماية الذات وبناء علاقة صحية

تقرير – مريم محمد
مقدمة
لم تعد قصص الحب تقتصر على اللقاءات التقليدية في الجامعة أو مكان العمل أو الأماكن العامة فحسب، بل أصبحت التكنولوجيا تُدخلها من أبوابٍ أكثر سرية وخصوصية، فنحن الآن نشهد علاقات تبدأ من وراء الشاشات: رسائل ومكالمات وغالبًا تطبيقات تعارف، وقد تنتهي هذه العلاقات بالزواج أو بخيبة أملٍ كبيرة، وقد تتعرض أيضًا لمخاطر نصب أو ابتزاز.
الإحصائيات الحديثة: مدى تَوسع الظاهرة واقتناصها للرقاب
في الولايات المتحدة، أظهر مسح من Pew Research Center أن حوالي ٣ من كل ١٠ بالغين استخدموا موقع أو تطبيق تعارف على الإنترنت، من بين من هم تحت سنّ الثلاثين، يُشير الاستطلاع إلى أن نصفهم تقريبًا قد استخدموا منصات تعارف.
يوجد حوالي ١ من كل ٥ أشخاص تحت الثلاثين يقول إنه التقى بشريكه الحالي من خلال تطبيق أو موقع تعارف، نسبة الأزواج الذين بدأوا علاقتهم أونلاين زادت كثيرًا في العقدين الأخيرين؛ ففي الولايات المتحدة، تبيّن أن نسبة الأزواج الذين تزوجوا بعد لقائهم عبر الإنترنت صارت تقترب من ٥٠٪ في بعض الدراسات التي تُعنى بالعلاقات الزوجية منذ عام 2017، في أستراليا، دراسة أُجريت بين الشباب “20-39 سنة” وجدت أن 52٪ منهم التقى بشريكهم الأخير أونلاين.
مزايا الحب عبر الإنترنت
يُتيح الإنترنت فرصة التعارف من أماكن متعددة وبدون الحاجة إلى التواجد الشخصي في مكان معين، مما يُسهّل الوسيلة خصوصًا لمن هم خجولون أو لديهم ظروف تمنعهم من الخروج كثيرًا، في كثير من الأحيان يكون التعرّف أونلاين أمرًا أقل توتّراً لأن الشخص لا يرى نظرة مباشرة أو رد فعل فوري، مما يُخفف من الخجل أو الخوف من الرفض الظاهر.
تنويع الخيارات والتعرف على خلفيات متعددة
من خلال تطبيقات التعارف يمكن للشخص أن يتعرّف على أشخاص من أماكن جغرافية، ثقافات، اهتمامات حتى مستويات تعليمية مختلفة، وهو شيء قد لا يُتاح في الحياة الواقعية بنفس السهولة، الإحصائيات تقول إن جزءًا من العلاقات الافتراضية تصبح علاقات جدّية أو تنتهي بالزواج، خصوصًا عندما يكون المستخدم مستعدًا فعلاً للالتزام.
المخاطر والسلبيات التي لا تُرى غالبًا بخفة
بعض المستخدمين يستخدمون صورًا غير حقيقية، أو يُقدمون معلومات مغلوطة عن أنفسهم في العمر، الحالة الاجتماعية، أو الوضع المالي، كثير من مستخدمي تطبيقات التعرّف، وخصوصًا النساء، يتلقون رسائل غير مرغوب فيها أو صور غير لائقة، في بعض الحالات، تستمر محاولة الاتصال بعد أن يرفض الطرف الآخر التواصل.
توقعات غير واقعية وإدمان عاطفي
الصور المثالية، الرسائل المغرية، التفاعل الدائم قد يخلق توقعات لا يحققها الواقع عند اللقاء الحقيقي، مما يؤدي إلى خيبة أمل أو شعور بالوحدة.
العلاقات الأقل استقرارًا حسب الدراسات
بعض الأبحاث تشير إلى أن الأزواج الذين تقابوا أونلاين أبلغوا بمستوى رضا أقل واستقرار أقل مقارنة بمن تزوجوا بعد مقابلة شخصية مباشرة.
ما يقوله العلم النفسي والاجتماعي
تبين دراسات أن الأشخاص الذين التقى شركاؤهم أونلاين غالبًا ما يكونون أصغر سنًا، وربّما كانوا أقل تجربة في العلاقات العاطفية، مما قد يزيد من الحساسية تجاه الصدمات العاطفية.
الحاجة إلى دعم اجتماعي: العلاقات التي تبدأ أونلاين قد تواجه وصمة اجتماعية أو عدم قبول من الأهل أو الأصدقاء في بعض الثقافات، مما قد يزيد الضغط النفسي على الشريكين.
توصيات عملية لحماية الذات وبناء علاقة صحية
لا تشاركي تشاركِ صورك الخاصة أو معلوماتك الخاصة مع أي شخص إلا بعد التأكد من صدق نواياه، افترضي الحذر من أي شخص يطلب مساعدات مالية أو يبدأ بصياغة علاقة مبنية على الاعتماد المادي، محاولة الانتقال من العلاقة الإلكترونية إلى لقاء واقعي في مكان عام وآمن عندما تشعران بالثقة.
لا تستعجلي الدخول في ارتباط رسمي قبل التعرّف الكامل على الشخص من الجانبين: شخصيته، احترامه، أخلاقه، علاقته مع الآخرين، تحدثي مع الأهل أو صديقة موثوقة عن العلاقة، لأن الدعم الاجتماعي غالبًا يقلل من المخاطر النفسية.
خاتمة
من المفترض أن العلاقات التي تبدأ عبر الإنترنت ليست بالضرورة وهمًا؛ يمكن أن تكون بداية جميلة لقصة حقيقية إن وُجدت النية والصدق والوعي، لكن الطريق مزروع بالألغام: الخداع، التوقعات الزائدة، وصعوبة التمييز بين الواقع والمظهر أمام الشاشة الوعي، الحذر، والصدق هي مفاتيح تجعل من هذه التجربة فرصة للحُب وليس فخًّا للخيبة.