العرب والعالم

أوروبا تواصل الضغط على موسكو.. والصين في دائرة الاستهداف

الحزمة ال19.. أداة أوروبية جديدة لإضعاف موسكو

تقرير: رحمة عماد

مقدمة

في إطار مساعي الاتحاد الأوروبي للضغط على روسيا وتقليص نفوذها العسكري والاقتصادي منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا منذ فبراير 2022، تواصل بروكسل فرض حزم متتالية من العقوبات على روسيا، لتصل إلى الحزمة ال19.

الدوافع وراء الحزمة ال١٩ من عقوبات أوروبا

رئيسة المفوضية الأوروبية

نتيجة الحرب المستمرة التي شنتها روسيا على أوكرانيا، واصل الاتحاد الأروبي منذ فبراير 2022، فرض حزم عقوبات متتالية على روسيا، لتأتي الحزمة ال١٩ كنقطة جديدة للسيطرة وإخماد قوة روسيا العسكرية والاقتصادية لتتوقف الحرب المستمرة حتى الأن.

كما يجد الاتحاد الأوروبي أن شركات من دول ثالثة مثل: الصين، تساهم بشكل واضح في دعم الصناعات العسكرية الروسية، من خلال توريدها لتكنولوجيا ومكونات حساسة، لذلك يستهدف الاتحاد هذه الشركات للقضاء على جميع الثغرات.

كيف تحول نظام “مير” إلى ورقة ضغط مالية؟

ويعد “مير” بديلاً محليًا لفيزا وماستركارد، ويساعد روسيا على تجاوز العقوبات المالية الغربية. مع انتشار البطاقة في دول أجنبية، يخشى الاتحاد الأوروبي من توسعها بما يتيح لروسيا استقرار تدفقاتها النقدية رغم القيود.

ويحاول الاتحاد الأوربي تضييق الخناق على روسيا، وخاصةً بعد لجوء موسكو إلى التعامل مع العملات الرقمية، والصفقات في الأسواق الرمادية، إلى جانب محاولاته في تقليص الإيرادات التي تمول المجهود الحربي الروسي، من خلال المؤسسات الصناعية أو القطاع المالي.

وقام الاتحاد الأوربي بالتلويح لجميع الأطراف الخارجية المعاونة لروسيا، ومنها بكين، وباقي العواصم، محذرة بأن أي تعاون مع روسيا سيكون مكلفًا سياسيًا واقتصاديًا.

وعلى هذا النهج، ستبقى روسيا داخل عزلة دولية، وتقييد قدرتها على مشاركة موثوقة في النظام المالي العالمي، إلى جانب إضعاف قدرتها على تمويل الحرب في أوكرانيا من خلال تقليل القنوات البديلة للتحويلات المالية، وسينتج عنه تضييق إضافي على مصادر الدخل الروسي، سواء عبر البنوك أو الشركات الصناعية أو نظام “مير”.

وعلى الصعيد الصيني، فستقع العلاقات الأوربية – الصينية داخل توتر مُحتمل، خاصةً أن بكين تعتبر نفسها شريكًا تجاريًا رئيسيًا للاتحاد الأوروبي، وتُعد تلك الخطوة كإنذار صريح للصين بأن أي دعم موجه لروسيا سيلقى بعقوبات أوروبية.

وفي حين وجدت روسيا قنوات بديلة في آسيا أو الشرق الأوسط سيجد الاتحاد الأوروبي صعوبة في تنفيذ تلك العقوبات، وستعتمد بروكسل تناول سياسة “العقوبات المتسلسلة” كأداة رئيسية في إدارة الأزمة الأوكرانية.

وبالنظر تجاه النظام المالي العالمي، سنجد أن المنافسة بين الأنظمة المالية الغربية “سويفت، فيزا، ماستركاد” والأنظمة البديلة “مير وأنظمة الدفع الصينية” ستزداد، وربما ستدفع هذه الخطوة الدول للاتجاه نحو تطوير أنظمة دفع مستقلة للتخلص من أي قيود أوروبية قد تتعرض لها في المستقبل.

يحاول الاتحاد الأوروبي التظاهر بالتماسك والحزم أمام روسيا وحلفائها، وخاصة استمرار الحرب لأكثر من عامين، ويعكس الحدث تحول ساحات القتال “الصراع العسكري” إلى صراع مالي اقتصادي عالمي.

المسؤولون الروس والصينيون يعلقون

صرحت الفيرا نبيولينا حاكمة البنك المركزي الروسي، عن توسع شبكة قبول بطاقات “مير” الدولية، بالرغم من العقوبات، كمحاولة روسية لتجاوز القيود المالية الغربية.

ومن جانبها، نددت وزارة الخارجية الصينية بالعقوبات المقترحة للبنوك الصينية، واعتبرتها مضرة لعلاقات التعاون والتجارة العادية بين البلدين.

وأضافت أن هذه الإجراءات تشكل امتدادًا لاستخدام القانون الدولي بوجهة نظر غربية بمعناها الطويل المدى، وهو ما تعارضه الصين.

نظام “مير”

وصلت عدد بطاقات “مير” المصدرة إلى 228.4 مليون بطاقة حتى أوائل سبتمبر 2025، مقارنة بـ 182.3 مليون في 2022.

وصل عدد البنوك والمستخدمين غير المقيمين المرتبطين بالنظام إلى 514 جهة مشاركة، منهم 131 جهة غير مقيمة من 15 دولة.

وفي النصف الأول من 2023، بلغت نسبة المعاملات باستخدام “مير” من مجموع معاملات الدفع المحلية في روسيا 49.4%، بزيادة حوالي 8.1 نقطة مئوية مقارنة بالعام السابق.

آثار العقوبات الأوربية بشكل عام على الاقتصاد الروسي

انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في 2022 بنحو 2.1٪ بالمقارنة مع ما قبله، وفق تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات أخرى.

وصلت الاحتياطيات المجمدة للبنك المركزي الروسي في الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع وغيرها إلى حوالي 300 مليار يورو. بما يقارب 70٪ من أصول النظام المصرفي الروسي تخضع تحت عقوبات بمعنى أنّها تتعرض لتقييدات.

خاتمة

في النهاية، يظل الاقتصاد سلاحًا لا يقل خطورة عن المدافع، حيث تحولت الحرب من ساحات وميادين القتال إلى صراعات مالية اقتصادية مالية، حيث تُظهر محاولات الاتحاد المتواصلة حول فرض عقوبات متتالية على روسيا أنها تحاول إضعاف القوى العسكرية لموسكو، على أمل أن ينعكس ذلك على قدرتها العسكرية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى