الاجتماعيات

المرأة بين الريف والحضر: فجوة التعليم والعمل والحقوق تكشف تحديات التمكين في مصر

الحقوق بين القوانين والواقع الاجتماعي

تقرير: إيمان أشرف

مقدمة:

رغم ما حققته مصر من تقدم في تمكين المرأة، ما تزال الفجوة واضحة بين الريف والحضر في مجالات التعليم والعمل والوعي بالحقوق، ما يثير تساؤلات حول فعالية المبادرات الحالية في تقليص هذه الفوارق.

التعليم.. أساس تمكن المرأه في المدن والقري

يكون التعليم هو الخطوة الأولى نحو تمكين المرأة، لكن المؤشرات تشير إلى تباين واضح بين الريف والحضر. في المدن، تتاح للفتيات فرص أكبر للتعليم الأساسي والجامعي بفضل قرب المؤسسات التعليمية وتنوع التخصصات، بينما في القرى تعوق المسافة، ضعف البنية التحتية، وتقاليد الزواج المبكر استكمال الفتيات لتعليمهن.

شهادة واقعية:

تقول “منى”، 17 عامًا من قرية في الصعيد: “كنت أحب المدرسة جدًا، لكن بعد الإعدادية توقفت لأن المدرسة الثانوية بعيدة، وأبي خاف عليّ من الطريق”.   

تمكين اقتصادي متعثر في الريف مقابل فرص متنوعة في الحضر

في المدن، تنوعت فرص العمل أمام المرأة بين القطاع الحكومي، الشركات الخاصة، ريادة الأعمال، وحتى العمل الحر عبر الإنترنت، أما المرأة في الريف فغالبًا ما يقتصر عملها على الزراعة، الحرف اليدوية، أو الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، ما يحرمها من دخل ثابت واستقلال اقتصادي.

واقع مختلف:

توضح أم محمد، سيدة ريفية تعمل في الزراعة: “نزرع ونتعب طول النهار، لكن لا نملك الأرض، والقرار دائمًا في يد الرجال”، في المقابل، تقدم المبادرات الحكومية مثل “مشروعك” و”حياة كريمة” قروضًا صغيرة وتدريبًا مهنيًا للنساء في القرى، ما بدأ يخلق فرصًا جديدة لتمكين المرأة اقتصاديًا.

إحصاءات:

وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت معدلات الأمية بين النساء في الريف 20.3% عام 2024، مقابل 11.9% فقط في الحضر، فيما وصلت بين الإناث عمومًا إلى 21.4% مقارنة بـ 12% للذكور.

“مشروعك” موّل نحو 220 ألف مشروع حتى 2025 بإجمالي قروض يقارب 34 مليار جنيه، ما وفر حوالي 1.4 مليون فرصة عمل، مع استفادة النساء بنسبة 34.2% من هذه القروض.

“حياة كريمة” خصصت تمويلات تفوق 66.7 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في القرى، مع استثمارات كلية تجاوزت 295 مليار جنيه لتطوير البنية والخدمات، ما ساهم في خلق فرص تدريب وتشغيل واسعة للنساء.

الحقوق بين القوانين والواقع الاجتماعي

القوانين المصرية تكفل للمرأة حقوقًا كاملة في التعليم، العمل، والميراث، لكن الوعي بهذه الحقوق يختلف بشدة بين الحضر والريف، في المدن، تنتشر مكاتب المساعدة القانونية وجمعيات حقوق المرأة، أما في القرى فالعادات والتقاليد تظل عائقًا أمام ممارسة المرأة لحقوقها، خصوصًا في قضايا مثل الميراث والعنف الأسري.

أمثلة واقعية:

في إحدى قرى الوجه البحري، حرمت “سعاد” من ميراثها الزراعي بحجة أن الأرض يجب أن تبقى “في يد الرجال”، رغم أن القانون يكفل حقها الواضح في الميراث.

جهود الدولة والمنظمات الأهلية

ركزت الدولة خلال السنوات الأخيرة على تقليص الفجوة بين الريف والحضر من خلال مشروعات كبرى مثل “حياة كريمة”، التي طورت أكثر من 1600 قرية وشيدت آلاف المدارس والوحدات الصحية ومراكز الخدمات المجتمعية.

كذلك، لعبت الجمعيات الأهلية دورًا مهمًا في تقديم منح تعليمية للفتيات؛ إذ حصلت آلاف الفتيات من القرى الأكثر فقرًا على دعم لاستكمال التعليم أو المشاركة في الدورات التدريبية المهنية، خاصة في مجالات الحرف والصناعات الصغيرة.

التكنولوجيا.. فرصة لتقليص الفجوة

الانتشار السريع للهواتف الذكية والإنترنت في الريف فتح أبوابًا جديدة أمام النساء للتعليم عن بُعد، تسويق المنتجات عبر وسائل التواصل، والحصول على المعلومات القانونية والصحية بسهولة، لكن لا يزال ضعف البنية التحتية للاتصالات في بعض المناطق عائقًا أمام تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الفرص.

خاتمة

تكشف المقارنة بين أوضاع المرأة في الريف والحضر عن واقع مزدوج؛ حيث تمضي المرأة في المدن بخطوات أسرع نحو التعليم، العمل، والتمكين، بينما تواجه نظيرتها في القرى عقبات اجتماعية واقتصادية وثقافية تبطئ تقدمها. ومع ذلك، فإن المشروعات التنموية والجهود الحكومية والمجتمعية تحمل بارقة أمل في تقليص هذه الفجوة، لتصبح جميع النساء شريكات فاعلات في مسيرة التنمية المستدامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى