الاجتماعيات

زواج القاصرات.. ظاهرة تهدد طفولة البنات ومستقبل المجتمع

بين العادات والقانون

تقرير : سلسبيل وليد

مقدمة

رغم التطور الذي يشهده المجتمع في مجالات التعليم والصحة والتشريعات، ما زالت بعض العادات القديمة تلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل الفتيات، وعلى رأسها ظاهرة زواج القاصرات. فبينما تُحرَم الطفلة من حقها في التعليم واللعب، تجد نفسها فجأة مسؤولة عن بيت وأسرة، في وقت لم تكتمل فيه لا جسديًا ولا نفسيًا. هذه الظاهرة، المنتشرة خاصة في القرى والمناطق الريفية، لا تهدد فقط حاضر الفتيات، بل تُهدد أيضًا مستقبل المجتمع بأكمله.

أرقام صادمة

بحسب بيانات اليونيسف عبر بوابة Child Marriage Data Portal لعام 2021:15.8٪ من الفتيات المصريات تزوجن قبل بلوغ الـ18 عامًا،حوالي 2٪ تزوجن قبل عمر الـ15 سنة، النسبة في المناطق الريفية بلغت 20.6٪، بينما انخفضت في الحضر إلى 8.7٪ فقط،وكشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاءات (CAPMAS) عن وجود نحو 117,000 طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عامًا متزوجين أو سبق لهم الزواج، وفي تصريحات صادمة، أكدت النائبة عبلة الألفي – عضو مجلس النواب – أن النسبة الحقيقية قد تصل إلى 25٪، ما يكشف وجود فجوة بين الأرقام الرسمية والواقع على الأرض.

بين العادات والقانون

يبرر بعض الأهالي لجوءهم إلى تزويج بناتهم القاصرات بالرغبة في “الستر” أو الخوف من أعباء المعيشة، بينما يغفلون أن القانون المصري يجرّم هذا الفعل ويعاقب ولي الأمر والموثق ومع ذلك، لا يزال التحايل قائمًا بعقود عرفية حتى تصل الفتاة للسن القانوني.

 أبعاد صحية ونفسية

يحذر الأطباء من أن زواج الفتيات المبكر يؤدي إلى:ارتفاع نسب وفيات الأمهات بسبب الحمل المبكر ومضاعفاته، مشاكل نفسية نتيجة عدم النضج الكافي لتحمل مسؤولية أسرة وزوج، زيادة معدلات الطلاق المبكر، إذ أن الفتاة غير مؤهلة لاتخاذ قرارات أسرية كبيرة.

 التعليم.. الضحية الأولى

تظهر الإحصائيات أن معظم القاصرات المتزوجات يتركن التعليم مبكرًا، مما يحد من فرصهن في العمل مستقبلًا، ويكرّس دائرة الفقر والجهل في المجتمع، جهود حكومية ومجتمعية، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي مبادرات”مودة” و”تكافل وكرامة” لتقليل زواج القاصرات، المجلس القومي للطفولة والأمومة يتدخل بشكل متكرر لإحباط محاولات تزويج الفتيات القاصرات، منظمات المجتمع المدني تنفذ حملات توعية في القرى الأكثر فقرًا، مؤكدة أن الحل يبدأ من رفع وعي الأسر وتشديد الرقابة القانونية.

رأي الخبراء

يؤكد علماء الاجتماع أن الدافع الأساسي وراء الظاهرة هو الفقر والخوف من العنوسة، بجانب ضعف الثقافة القانونية لدى بعض الأسر، ويرى خبراء الصحة أن الفتاة دون الـ18 عامًا غير مكتملة النمو الجسدي والنفسي، ما يجعل الزواج المبكر بمثابة تهديد مباشر لحياتها.

خاتمة

زواج القاصرات ليس مجرد عادة اجتماعية بل جريمة ضد الطفولة والمجتمع، حيث يحرم الفتاة من حقها في التعليم، ويعرضها لمخاطر صحية ونفسية، ويغلق أمامها أبواب المستقبل. وإذا لم تُطبق القوانين بحزم وتستمر التوعية في القرى والأحياء الشعبية، ستظل آلاف الفتيات يواجهن نفس المصير، ويظل المجتمع كله يدفع الثمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى