العرب والعالم

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل موازين التجارة العالمية

القوى الكبرى تتنافس على قيادة عصر الذكاء الاصطناعي

تقرير: رحمة عماد

 

مقدمة

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية ثورية، بل أصبح أداة جيوسياسية تعيد تشكيل القوى الاقتصادية عالميًا، بعدما كشف تقرير منظمة التجارة العالمية 2025، أبعادًا جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة، الصين والاتحاد الأوروبي، وفي الوقت الذي تشتد فيه المنافسة بين القوى الكبرى، يجد الشرق الأوسط نفسه أمام لحظة فارقة قد ترسم حدود دوره في العالم بالمستقبل.

الذكاء الاصطناعي كأداة جيوسياسية جديدة

تعتبر القوى الاقتصادية الكبرى “الولايات المتحدة، الصين، الاتحاد الأوروبي” الذكاء الاصطناعي مجالاً استراتيجيًا للمنافسة الجيوسياسية، حيث يوضح تقرير المنظمة أن التجارة العالمية ستتأثر بمدى امتلاك الدول للبنية الرقمية، ما يفسر الضغط السياسي على الدول النامية للحاق بالركب.

وأصبح للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وزن سياسي جديد مرتبط بقدرتها على تصدير الطاقة النظيفة، إلى جانب دورها التقليدي في تصدير النفط والغاز، وذلك نتيجة زيادة الطلب على تصدير الطاقة النظيفة، كما يساعد هذا التحول بإدخال المنطقة في معادلة جديدة لأمن الطاقة العالمي، ما قد يعزز أهميتها الاستراتيجية أمام الغرب والشرق.

وتكشف الأرقام الخاصة بسياسيات دعم الطاقة المتجددة إلى أن الاقتصادات المتقدمة تحتكر صياغة الأطر السياسية، وهذه الفجوة توضح بوجود مخاطر لتهميش اقتصادات المنطقة، وخاصةً إذا لم تسرع في وضع سياسات محلية تنافسية.

فرص المنطقة لدخول سلاسل القيمة الرقمية

ويشير تقرير منظمة التجارة العالمية إلى إمكانية دخول دول المنطقة في سلاسل القيمة للذكاء الاصطناعي “تصدير موارد، استضافة مراكز بيانات، وخدمات رقمية، وسياسيًا تترجم على أن المنطقة قد تتحول من مجرد مصدر مواد خام إلى لاعب في الاقتصاد المعرفي، لو تبنت إصلاحات وتشريعات جاذبة للاستثمار.

رسالة التقرير: الاستثمار الرقمي ضرورة سياسية

ويرسل التقرير رسالة غير مباشرة، وهي أن الدول التي لن تستثمر في البنية الرقمية والطاقة النظيفة، ستبقى خارج المنافسة، ما يجعل الحكومات أمام استحقاق سياسي داخلي لتسريع الإصلاحات وتبني تشريعات ذكية تجذب الشركات العالمية.

بلغ حجم الاستثمارات في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي 400 مليار دولار في 2024، وذلك يحولها إلى مجال جديد للتنافس السياسي بين الدول الكبرى. وإذا تغافلت الدول العربية عن تحديد موقعها بدقة، فستصبح ساحة تنافس بين الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

إحصائيات تكشف ملامح التحول الاقتصادي العالمي

كشفت بعض الإحصائيات المشار إليها في التقرير عن الزيادة المتوقعة في حجم التجارة العالمية بحلول عام 2040 قد تصل إلى 40%، وذلك نتيجة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

وتصل نسبة الزيادة المتوقعة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2040 بسبب إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى 12- 13%.

ويبلغ حجم الاستثمارات العالمية في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في عام 2024، 400 مليار دولار. وتصل حصة الاقتصادات ذات الدخل المرتفع من السياسات العالمية الداعمة للطاقة المتجددة إلى 69%، بينما تأتي حصة الاقتصادات منخفضة الدخل من هذه السياسات 1.5، ما يعكس فجوة واضحة.

ومن المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي إلى 500 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2027، وفقًا لبيانات IDC.

كما تشكل الصين والولايات المتحدة معًا أكثر من 60% من الاستثمارات العالمية في الذكاء الاصطناعي. وأصبحت الطاقة المتجددة تمثل 30% من إجمالي إنتاج الكهرباء عالميًا في 2024. في الوقت الذي تمتلك فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما يزيد عن 45% من إمكانات الطاقة الشمسية العالمية القابلة للاستغلال تجاريًا.

خاتمة

الأرقام الذي طرحها التقرير تثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة اقتصادية بل عنصر سياسي وجيوستراتيجي، وتقف المنطقة العربية أمام فرص عديدة ولكنها مرهونة بالقدرة على الاستثمار في البنية الرقمية والطاقة النظيفة، ولاستغلال هذه الفرصة لا بد من تقديم إصلاحات عميقة وتشريعات محفزة للاستثمارات العالمية، وإلا سيظل موقعه تابعًا في معادلة الاقتصاد العالمي الجديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى