
تقرير ـ إنچى هشام
مقدمة
ينطلق هذا الأسبوع مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين للمناخ (COP28) في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة قادة العالم ورؤساء الشركات ومنظمات المجتمع المدني، في وقت تتفاقم فيه الكوارث المناخية والأزمات العالمية مثل الصراعات والجوع وارتفاع الديون وعدم المساواة، وفي ظل هذه التحديات، تتجه الأنظار إلى مجموعة البنك الدولي، باعتبارها أكبر ممول متعدد الأطراف للاستثمارات المناخية في البلدان النامية، حيث قدمت في السنة المالية 2023 ما يقارب 38.6 مليار دولار لدعم أنشطة المناخ.
ثورة الطاقة الشمسية
شهد العالم خلال العقد الأخير تحولاً كبيراً في قطاع الطاقة المتجددة، حيث حصل أكثر من مليار شخص على الكهرباء، كثير منهم من مصادر شمسية، ويتوقع أن تتجاوز الطاقة الشمسية الفحم كمصدر رئيسي للطاقة بحلول عام 2027، ومن مصر إلى المغرب والهند، أسهمت تدخلات البنك الدولي في خفض التكاليف وتقديم التمويل الأساسي والمشورة الاستراتيجية لإطلاق مشاريع طموحة للطاقة الشمسية.
الطاقة في أفريقيا والصومال
يظهر الأثر الأكبر لهذه المشروعات في غرب أفريقيا حيث يفتقر نصف السكان إلى الكهرباء، ففي جمهورية أفريقيا الوسطى، موّل البنك الدولي مجمع دانزي للطاقة الشمسية بقدرة 25 ميجاوات ليخدم نحو 250 ألف شخص، أما في الصومال، فقد تدخلت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار لتشجيع القطاع الخاص على إقامة محطة هجينة تعمل بالطاقة الشمسية في مدينة بايدوا، مع توفير ضمانات استثمارية ضد مخاطر الصراعات.
النقل الأكثر خضرة
يمثل النقل 20% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، ومن المتوقع أن يزداد الطلب على نقل الركاب بنسبة 75% بحلول 2050، دعم البنك الدولي استثمارات بقيمة 5.7 مليارات دولار في النقل الحضري خلال العقد الأخير، تضمنت إنشاء شبكات النقل السريع بالحافلات في مدن مزدحمة مثل القاهرة وداكار ودار السلام، ما وفر بديلاً صديقاً للبيئة وأقل تكلفة من المترو.
إدارة مخاطر الكوارث
تزداد حدة الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات بسبب تغير المناخ، مما يهدد الأرواح والبنية التحتية، خاصة في المجتمعات الفقيرة، ومن خلال شراكات البنك الدولي مع القطاع الخاص، استثمرت دول مثل بنغلاديش والفلبين وموزمبيق في أنظمة إنذار مبكر وبنى تحتية مقاومة للمخاطر، كما أتاح البنك أدوات مالية لتأجيل سداد الديون عند وقوع الكوارث، ما يمنح الدول مرونة أكبر في مواجهة الأزمات.
القطاعات الصناعية الثقيلة
تشكل بعض القطاعات الإنتاجية مثل صناعة الأسمدة والصلب ومواد البناء تحدياً كبيراً لتقليل الانبعاثات، إذ بلغت انبعاثات صناعة الصلب وحدها نحو 7% من إجمالي الانبعاثات العالمية عام 2020، لدعم خفض الكربون، تساند مؤسسة التمويل الدولية إدخال تكنولوجيا مبتكرة لوقف الاعتماد على الفحم وتحقيق جدوى اقتصادية للتوسع في الصناعة الخضراء.
تنوع الحلول المناخية
تركز رؤية البنك الدولي على حلول متكاملة تشمل أسواق الكربون، تحويل النفايات إلى طاقة، الاستثمار في التكنولوجيا والبيانات، تطوير أنظمة غذائية أكثر استدامة، تعزيز السياسات السليمة، البناء الأخضر، وحماية النظم البيئية مثل أشجار المنغروف، هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق تحول جذري في الاقتصادات وضمان بناء مجتمعات قادرة على الصمود أمام التغير المناخي.
خاتمة
في ظل انعقاد COP28، تؤكد تجربة البنك الدولي أن مواجهة أزمة المناخ تتطلب حلولاً عملية تجمع بين التمويل المستدام، التكنولوجيا، والسياسات العادلة، ورغم ضخامة التحديات، فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة، النقل النظيف، الصناعات الخضراء، وإدارة المخاطر المناخية، يمكن أن يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر أماناً وإنصافاً لملايين البشر حول العالم.