
تقرير – ريهام عسل
مقدمة
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة خطوات متسارعة نحو التحول الرقمي في شتى المجالات، وكان التعليم في مقدمة هذه الخطوات، خاصة بعد جائحة كورونا التي فرضت على العالم كله التوجه نحو أنظمة التعلم عن بُعد وأصبح التعليم الرقمي ضرورة لا بديل عنها، حيث وفر منصات تعليمية إلكترونية وحصصًا افتراضية تتيح للطلاب متابعة دروسهم من أي مكان.
كيف تأثر الطلاب في القرى والمدن بهذا التحول الكبير؟ وهل كان التعليم الرقمي فرصة للجميع
استفاد طلاب المدن بشكل أكبر من التعليم الرقمي، بفضل توافر البنية التحتية للإنترنت والأجهزة الحديثة، وهو ما ساعدهم على متابعة الحصص الافتراضية والوصول إلى منصات التعلم الإلكتروني بسهولة.
وتشير تقارير وزارة التربية والتعليم إلى أن نحو 70% من طلاب المرحلة الثانوية في المدن تمكنوا من الاعتماد بشكل أساسي على المنصات الرقمية لمراجعة المناهج وتلقي الدروس، كما ارتفعت نسبة مشاركة المعلمين في استخدام الوسائط التعليمية الرقمية إلى 65% خلال العامين الأخيرين.
أما في القرى والمناطق الريفية، فقد واجه الطلاب صعوبات واضحة بسبب ضعف خدمات الإنترنت أو عدم توافر أجهزة حديثة في كل بيت. وأظهرت دراسات محلية أن أكثر من 40% من طلاب القرى يضطرون للاعتماد على الدروس الخصوصية أو المذكرات الورقية، نتيجة عجزهم عن الاستفادة الكاملة من أدوات التعليم الرقمي.
كما أن نسبة 55% من أولياء الأمور في الريف أكدوا أن التكلفة المادية لشراء الأجهزة اللوحية أو شحن باقات الإنترنت تمثل عبئًا كبيرًا على ميزانية الأسرة.
سعت الدولة المصرية لتقليص الفجوة عبر عدة مبادرات، أبرزها:
مبادرة التابلت لطلاب الثانوية العامة
حيث تم توزيع أجهزة لوحية على طلاب المرحلة الثانوية منذ عام 2018، بهدف إتاحة المناهج والاختبارات بشكل رقمي.
بنك المعرفة المصري
منصة مجانية تضم آلاف الكتب والمراجع والدروس التعليمية التي يمكن للطلاب الوصول إليها من أي مكان.
منصة إدارة التعلم LMS
التي توفر محتوى تفاعليًا للطلاب، بالإضافة إلى بث مباشر للحصص عبر القنوات التعليمية والمنصات الإلكترونية.
القنوات التعليمية الفضائية
كقناة “مدرستنا” التي أصبحت وسيلة مساعدة للطلاب في كل المحافظات، خصوصًا في المناطق التي يصعب فيها الاتصال بالإنترنت، على الرغم من الصعوبات، فإن بعض الطلاب في القرى استفادوا من التعليم الرقمي من خلال مبادرات المجتمع المدني أو الدعم الفردي من أسرهم، وأتاح لهم ذلك الوصول إلى دورات تدريبية عالمية عبر الإنترنت، وهو ما يعكس إمكانية نجاح هذه التجربة إذا حصلت على دعم أكبر، يرى خبراء التربية أن التعليم الرقمي يمثل فرصة ذهبية لتطوير مهارات الطلاب وإعدادهم لسوق العمل الحديث، لكنه يتطلب توازنًا بين البنية التحتية والدعم الاجتماعي.
الاستثمار في توسيع شبكات الإنترنت بالمناطق الريفية
توفير أجهزة مدعومة أو مراكز تعلم رقمية” في القرى، وزيادة تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا التعليمية، وتشجيع الشراكات مع شركات الاتصالات لتقديم باقات إنترنت تعليمية مخفضة.
خاتمة
يذكر أن مصر تسعى ضمن خططها للتنمية المستدامة إلى تعميم التعليم الرقمي كأداة أساسية للنهوض بالمنظومة التعليمية، ومع ذلك يبقى السؤال مفتوحًا: هل تنجح الجهود الحالية في سد الفجوة بين طلاب القرى والمدن، أم سيظل التحول الرقمي ميزة حصرية لأبناء المدن الكبرى فقط؟