
تقرير: ريم بهاء عسل
مقدمة
يُعد العنف الأسري من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تواجه المجتمعات الحديثة، إذ يهدد كيان الأسرة ويترك آثارًا نفسية وجسدية خطيرة على ضحاياه، ورغم الجهود الدولية والمحلية للحد من هذه الظاهرة، فإن الأرقام والإحصائيات تشير إلى استمرارها بصورة مقلقة.
أشكال العنف الأسري
يتخذ العنف الأسري عدة صور، من بينها العنف الجسدي، النفسي، الاقتصادي، والجنسي، وتشير دراسات علم الاجتماع إلى أن العنف النفسي هو الأكثر انتشارًا، لأنه غالبًا ما يتم تجاهله أو التقليل من آثاره مقارنة بالعنف الجسدي.

إحصائيات مقلقة
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تتعرض امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم لأحد أشكال العنف الأسري على الأقل خلال حياتها، أما في العالم العربي، فتشير دراسات محلية إلى أن نسب العنف الأسري قد تصل في بعض الدول إلى أكثر من 35% من الأسر، مع تفاوت واضح بين المناطق الحضرية والريفية.
الأسباب والدوافع
يرى خبراء علم النفس والاجتماع أن أسباب العنف الأسري متعددة، منها الفقر والبطالة، انتشار ثقافة السلطة الذكورية، ضعف الوعي بحقوق المرأة والطفل، إضافة إلى عوامل تتعلق بالإدمان وتعاطي المخدرات، كما يلعب غياب التشريعات الرادعة دورًا في تفاقم هذه الظاهرة.

الآثار النفسية والاجتماعية
العنف الأسري لا يقتصر أثره على الضحية المباشرة فقط، بل يمتد إلى الأطفال الذين يشهدون تلك الممارسات، مما ينعكس على سلوكهم وشخصياتهم لاحقًا، وأكدت دراسات طبية أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة يسودها العنف أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب والانخراط في سلوكيات عدوانية.
آراء الخبراء
تشير الدكتورة منى أبو الفضل، أستاذة علم الاجتماع، في أحد أبحاثها، إلى أن “العنف الأسري يمثل تحديًا للتنمية المجتمعية، لأنه يمثل القيم الأساسية للتعايش ويؤثر على إنتاجية الفرد والمجتمع”، ويؤكد أطباء نفسيون أن العلاج لابد أن يكون شاملًا، يدمج بين الدعم النفسي للضحايا وتوفير مراكز حماية قانونية واجتماعية.

خاتمة
يشار إلى أن العنف الأسري ليس قضية تخص الأسرة وحدها، بل هو قضية مجتمعية شاملة تستدعي تدخلًا تشريعيًا، قانونيًا، وتوعويًا، وبينما تتزايد الدعوات لتشديد العقوبات على مرتكبيه، يبقى السؤال: هل تكفي القوانين وحدها لمواجهة هذه الظاهرة، أم أن الحل يبدأ من تغيير الثقافة المجتمعية نفسها؟