
تقرير: سلسبيل وليد جوده
مقدمة
التحوّل الرقمي صار من الأولويات الاستراتيجية في مصر، خاصة مع رؤية مصر 2030 التي وضعت الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا ضمن المحاور الأساسية للتنمية ،خلال السنوات الأخيرة، تحققت قفزات كبيرة في البُنى التحتية الرقمية، الخدمات الحكومية الإلكترونية، المهارات الرقمية، وكذلك سياسات تشريعية وتنظيمية، لكن التحديات لا تزال قائمة، والطريق إلى تحقيق مجتمع رقمي شامل ما زال طويلًا.
الوضع الحالي للرقمنة في مصر
البُنى التحتية الرقمية
مصر تعمل على بناء وتطوير البنية التحتية المعلوماتية:
توصيل الكابلات، الألياف الضوئية، وربط مئات المباني الحكومية بشبكة الإنترنت.
مشروع “مصر الرقمية” يسعى لتحسين جودة الإنترنت الثابت والمتحرك، استبدال الكابلات النحاسية بالألياف البصرية في المدن، وترقية وتحديث الشبكات.
الخدمات الحكومية الرقمية
إطلاق منصة مصر الرقمية لتقديم الخدمات الحكومية إلكترونيًا؛ حتى الآن تم إطلاق عدد من الخدمات الحكومية الرقمية مع الهدف للوصول إلى أكثر من 550 خدمة مستقبلًا.
إنشاء مراكز تكنولوجيا ثابتة ومتنقلة لتقريب الخدمات للمواطنين، خاصة في القرى والمناطق النائية، وتقليل زمن الإجراءات للمواطنين.
التشريعات والمعايير التنظيمية
جهود لتشريعات حماية البيانات الشخصية وتأمين المعاملات الإلكترونية، إلى جانب وضع سياسات وطنية لدعم المدفوعات الإلكترونية والتجارة الإلكترونية.
تبني استراتيجية “مصر الرقمية” و “ICT 2030 Strategy ” التي تُحدّد أهدافًا كمية مثل زيادة نسبة اشتراكات الإنترنت الثابت والمتحرك لكل مائة شخص، وزيادة المستخدمين في التعاملات الحكومية الرقمية.
مهارات القوى البشرية والتحول المؤسسي
تدريب الكوادر على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، المُعالجة الرقمية للبيانات، ورفع القدرات الفنية في القطاع الحكومي والخاص.
تحول مؤسسي داخل الوزارات والدوائر الحكومية لتعزيز الكفاءة، السرعة، والشفافية في تقديم الخدمات.
الإنجازات البارزة
مصر صارت من الدول التي حققت تحسّناً ملحوظاً في سرعة الإنترنت الثابت، إذ فازت بجائزة “Fastest Fixed Country ” في إفريقيا من Speedtest لعام 2022، بعد أن حسّنت السرعة المُتوسطة بشكل كبير خلال فترة قصيرة.
زيادة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
إطلاق مشاريع مهمة مثل مراكز البيانات، تحسين البنية التحتية، تطبيق خدمات الدفع الإلكتروني، المدفوعات الرقمية.
التحديات والصعوبات
الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية:
بعض القرى والمناطق البعيدة قد تعاني من ضعف الإنترنت أو قلة الخدمات الرقمية المتاحة فعليًا.
البنية التحتية غير المكتملة:
رغم التوسع، بعض الشبكات تحتاج إلى تحديثات أو استبدال؛ هناك تحدي في صيانة واستمرارية الخدمة.
التحوّل الثقافي للمواطنين والمؤسسات:
مقاومة التغيير الإداري، تأخر بعض الجهات في تبني الرقمنة، ضعف الوعي بكيفية الاستفادة من الخدمات الرقمية.
الأمن السيبراني وحماية البيانات:
الحاجة إلى تشريعات وتنفيذ فعّال لحماية بيانات المستخدمين وتأمين المنصات التي تُقدّم الخدمات الحكومية.
التكلفة والتمويل:
مشاريع البنية التحتية، صيانة الشبكات، التدريب، كلها تتطلب تمويلًا ضخمًا مستدامًا.
الطموحات المستقبلية والخطط القادمة
رؤية مصر 2030:
تعظيم دور الاقتصاد الرقمي كركيزة للتنمية، ورفع نسبة الأشخاص المستخدمين الإنترنت الثابت والمتحرك، وتوسيع التغطية بخدمات النطاق العريض.
استثمار أكبر في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة:
رفع مساهمة AI في الناتج المحلي، دعم البحث والتطوير، جذب مراكز بيانات، وتوطين الصناعات التكنولوجية.
زيادة الخدمات الحكومية الرقمية:
الاتجاه نحو إتاحة المزيد من الخدمات عبر الإنترنت، تحسين تجربة المستخدم، خفض زمن الإجراءات، تقليل الحاجة لزيارة المكاتب الحكومية.
تطوير مهارات القوى العاملة:
برامج تدريبية واسعة، شراكات مع الجامعات ومراكز البحث، دعم ريادة الأعمال الرقمية.
تعزيز التشريعات والتنظيم:
حماية البيانات، الأمان السيبراني، تشريعات تنظم الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن البيئة القانونية للاستثمارات الرقمية والتجارة الإلكترونية.
خاتمة
التحوّل الرقمي في مصر حقّق بالفعل تقدمًا ملحوظًا في البُنى التحتية، في الخدمات الحكومية الإلكترونية، وفي التشريعات، وهو ركيزة ضرورية لتحقيق رؤية مصر 2030 ، لكن النجاح الكامل يتطلب مواجهة التحديات المتبقية، من الفجوة الرقمية إلى التأمين السيبراني، ومن تدريب الكوادر إلى التمويل المستدام.
المستقبل يبدو واعدًا إذا استُخدمت التكنولوجيا بطريقة تراعي المساواة وتُحفّز الابتكار وتُعزز من قدرات الدولة والمواطن معًا ، مصر أمام فرصة أن تكون نموذجًا في المنطقة في التحوّل الرقمي — الطريق واضح، والجهد مستمر، والنتائج تحقق شيئًا فشيئًا.