حماس والسلطة الفلسطينية.. من يقود المرحلة المقبلة؟
بين المقاومة والسياسة.. خيارات حماس المعقدة

تقرير – ميريهان عماد
مقدمة
تعيش القضية الفلسطينية مرحلة فارقة بعد حرب غزة الأخيرة التي اندلعت عقب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأدت إلى استشهاد عشرات الآلاف وتشريد الملايين. وبينما رسخت إسرائيل موقفها الرافض لأي تنازل سياسي، تصاعد الجدل حول الدور المستقبلي لحركة حماس، وأزمة السلطة الفلسطينية، وإمكانية إعادة بناء مشروع وطني فلسطيني موحّد.
إسرائيل ونموذج السيطرة المستمر
أثبتت التطورات أن إسرائيل غير مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية، النموذج الذي تطرحه يقتصر على منح الفلسطينيين كيانًا إداريًا هشًا بلا سيادة، مع إبقاء السيطرة الأمنية والعسكرية في يدها، وطيّ ملف اللاجئين نهائيًا، وهو ما يجعل الحديث عن “حلّ الدولتين” أقرب إلى شعار سياسي منه إلى واقع يمكن تحقيقه.
حماس بين المقاومة والسياسة
صعود حماس بعد هجمات 7 تشرين الأول زاد من شعبيتها، لكنه فتح أسئلة جديدة: هل تستطيع الحركة أن تتحول إلى قوة سياسية قادرة على صياغة رؤية مستقبلية؟
سبق أن طرحت فكرة “هدنة طويلة الأمد”، في نوفمبر 2023، أعلن إسماعيل هنية استعداد الحركة لمفاوضات على أساس حلّ الدولتين، لكن الانقسام بين جناحها العسكري في غزة وقيادتها في الخارج ما زال عائقًا أمام بلورة موقف موحّد.
السلطة الفلسطينية في أزمة شرعية
الرئيس محمود عباس يواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، حيث أظهرت استطلاعات أن أكثر من 70% من الفلسطينيين يطالبون برحيله. في المقابل، يبرز اسم مروان البرغوثي كبديل محتمل، نظرًا لشعبيته داخل الضفة الغربية ورمزيته النضالية، خصوصًا أنه كان من أبرز مهندسي “وثيقة الأسرى” عام 2006 التي وضعت أساسًا لتوافق وطني على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967.
فتح وحماس صراع أم شراكة؟
رغم التنافس بين الحركتين، لا تزال فتح تملك قاعدة جماهيرية عريضة وتاريخًا سياسيًا طويلًا، يرى محللون أن أي مسار سياسي ناجح يحتاج إلى صيغة تنسيق أو شراكة بين فتح وحماس، وربما دمج الأخيرة في منظمة التحرير الفلسطينية لضمان وحدة القرار الفلسطيني.
الموقف الدولي والإقليمي
في بداية الحرب، حصلت إسرائيل على دعم مطلق من الولايات المتحدة ودول أوروبية، لكن مشاهد الدمار والضحايا دفعت بعض الحكومات الغربية إلى إعادة النظر، إذ اعترفت دول مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج رسميًا بفلسطين، أما واشنطن فتركز اليوم على منع اتساع الحرب إقليميًا أكثر من تركيزها على إطلاق عملية سلام جادة.
خاتمة
يُشار إلى أن مستقبل القضية الفلسطينية مرهون بقدرة الفلسطينيين على تجاوز الانقسام الداخلي وتوحيد الموقف السياسي، وبينما تكسب المقاومة أرضًا على صعيد الرأي العام، فإن غياب مشروع وطني واضح يترك الباب مفتوحًا أمام إسرائيل لترسيخ احتلالها. والسؤال يبقى: هل ينجح الفلسطينيون في تحويل معاناة غزة إلى نقطة انطلاق لمشروع سياسي موحّد، أم يظل الانقسام العقبة الأكبر أمام حلم الدولة؟