العرب والعالم

مستقبل السلطة الليبية: بين فوضى الانقسام وفرص التغيير السياسي

بين ضغوط الداخل وتنافس الخارج.. ليبيا على مفترق طرق سياسي

تقرير – رحمة عماد

 

مقدمة

منذ أكثر من عقد على سقوط نظام معمر القذافي، ما تزال ليبيا عالقة في دوامة من الانقسام السياسي والتدخلات الخارجية، وسط غياب مؤسسات قوية قادرة على توحيد البلاد.

معمر القذافي

ووسط هذا المشهد المعقد، يبرز اسم عبد الكريم مقيق كمرشح مختلف لرئاسة الحكومة، مُحاطًا بترقب دولي وآمال داخلية.

عقد من الفوضى والصراع بعد سقوط القذافي

منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، شهدت ليبيا دوامات متواصلة من الحرب الأهلية والتدخلات الخارجية والانهيار المؤسسي، وبغياب الدولة المركزية سمح بتمدد الميليشيات المسلحة، ما جعل البلاد ساحة صراع مفتوحة للقوى الداخلية والخارجية.

مقيق.. مرشح مدني يختلف عن قادة الميليشيات

عبد الكريم مقيق

ويبرز اليوم اسم عبد الكريم مقيق كمرشح لرئاسة الحكومة، والذي اشتهر بدوره في تفكيك برنامج ليبيا النووي في مطلع الألفية، على خلاف قادة الميليشيات والوجوه العسكرية المسيطرة على المشهد السياسي الليبي، الأمر الذي منحه رصيدًا دوليًا، ومصداقية واسعة خاصة لدى الدوائر الغربية.

ويُقدم مقيق نفسه ك”تكنوقراط” مدني، وساعد ذلك على منحه ثقة قطاعات الشارع الليبي الباحثة عن بديل غير عسكري.

ولقاء “مقيق” بمسؤولين أمريكيين من أطياف مختلفة هذا الأسبوع يعكس اهتمام واشنطن المتزايد به واعتباره شخصية جديرة بالمتابعة.

ويأتي الموقف الأمريكي بعد سنوات من ترك الملف الليبي للأوروبيين، مع انشغال واشنطن بملفات أخرى في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

انقسام داخلي يفاقم أزمات المواطن الليبي

خليفة حفتر

لكن في الداخل الليبي، انقسمت ليبيا بين سلطتين: قوات المشير خليفة حفتر المدعومة من روسيا في الشرق، وحكومة مدنية في طرابلس المدعومة من تركيا، البرلمان في طبرق والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس يعكسان هذا الانقسام السياسي، فيما يعيش المواطن الليبي أوضاعًا صعبة مع انقطاع الكهرباء، ضعف الرواتب، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية.

جذور الفوضى الليبية

يرى مراقبون أن السبب الرئيسي وراء عدم الاستقرار، هو ضعف مؤسسات الدولة، حيث تعاني الوزارات من الانقسام، وتدني أجور الموظفين، وغياب السلطة الفعلية من القضاء. وبالنظر إلى الخدمات الأساسية من كهرباء وصحة وتعليم يمثل تحدي أخر، وفي حالة نجح مقيق في تشكيل حكومة واحدة ستهدد تلك العثرات تآكل رصيده الشعبية سريعًا.

ليبيا في مواجهة الغزو الخارجي

وعلى صعيد التدخل الخارجي، فتبقى ليبيا تحت سيطرة الدوائر الغربية، وحصولها على استقلال قرارها ستكون من المهمام بالغة الصعوبة، حيث رسخت القوى الإقليمية والدولية نفوذها العسكري والاقتصادي، ولكن قد يمنح رصيد “مقيق” الدولي فرصة لفتح قنوات تفاوض جديدة، وإن كان نجاحة مرهونًا بقدرته على مؤسسات قوية، وكسب ثقة ودعم الشعب الليبي.

وتشير توجهات “مقيق” إلى استعداده لضم حفتر وأنصاره ضمن إطار مدني تقوده الدولة، ما يعكس إداركه أن السبيل إلى الاستقرار يأتي بالمصالحة لا الإقصاء، غير أن قبول الأطراف المتجذرة في المشهد بهذا الطرح يظل موضع تساؤل، حيث قد يفتح المجال لتفاهمات دولية أيضًا، خصوصًا مع موسكو التي تدعم حفتر.

خاتمة

رغم ما يملكه عبد الكريم مقيق من رصيد دولي وصورة مدنية مختلفة، فإن نجاحه يظل مرهونًا بقدرته على مواجهة الانقسام الداخلي وكبح التدخلات الخارجية، وهي مهمة شاقة قد تحدد مستقبل الاستقرار في ليبيا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى