أخبار

أمن البحر الأحمر.. صراع النفوذ في شريان التجارة العالمي

البحر الأحمر.. صراع النفوذ يهدد شريان التجارة العالمي

تقرير – ميريهان عماد

مقدمة

أصبح البحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة واحدًا من أكثر الممرات المائية حساسية في العالم، ليس فقط لكونه يربط بين البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس والمحيط الهندي عبر مضيق باب المندب، بل لأنه أيضًا يمثل عصبًا أساسيًا لحركة التجارة والطاقة العالمية، ومع تراكم الأزمات الدولية مثل جائحة كورونا واضطرابات سلاسل التوريد والتوترات الإقليمية، تصاعدت المخاوف بشأن أمن هذا الممر الذي بات ساحة مفتوحة للتنافس الدولي والإقليمي.

الأهمية الاستراتيجية تجارة وطاقة تحت المجهر

يمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس ما يقرب من 10–15% من حجم التجارة العالمية، قناة السويس وحدها استقبلت في عام 2023 حوالي 26,400 سفينة، قبل أن يتراجع العدد في 2024 بنسبة 50% ليصل إلى نحو 13,200 سفينة فقط.

تراجعت إيرادات القناة من 10.25 مليار دولار في 2023 إلى 4 مليارات دولار فقط في 2024، حركة العبور اليومي انخفضت من 75–80 سفينة إلى حوالي 32–35 سفينة فقط، هذه الأرقام تعكس حجم الضغوط الواقعة على واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، في وقت زادت فيه كلفة النقل العالمي مع لجوء شركات الشحن إلى الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح.

خلفية تاريخية البحر الأحمر عبر العصور

منذ العصور الفرعونية، كان البحر الأحمر ممرًا للتبادل التجاري بين مصر وبلاد العرب وشرق إفريقيا، في القرن التاسع عشر اكتسب أهميته الكبرى مع افتتاح قناة السويس عام 1869، التي ربطت أوروبا بآسيا مباشرة، خلال الحربين العالميتين، تحول البحر الأحمر إلى ساحة تنافس عسكري واستراتيجي، ومع الطفرة النفطية في القرن العشرين، أصبح معبرًا رئيسيًا لناقلات النفط من الخليج إلى أوروبا.

التنافس الدولي والإقليمي

الولايات المتحدة: تتمركز عسكريًا في جيبوتي لضمان السيطرة على الملاحة.

الصين: أنشأت قاعدة عسكرية في جيبوتي أيضًا ضمن مشروع “الحزام والطريق”.

روسيا: تسعى لإقامة قاعدة بحرية في السودان لتعزيز وجودها في البحر الأحمر.

الدول الإقليمية: مصر والسعودية في المقدمة لحماية أمن الممر، بينما تعاني دول أخرى مثل اليمن والسودان من صراعات تؤثر على استقرار المنطقة.

دراسات وأبحاث

خصص مركز “أبعاد للدراسات الاستراتيجية” في لندن كتابه الأول بعنوان “الأمن في البحر الأحمر.. سياقات الصراع الدولي والإقليمي” (يناير 2024)، واحتوى الكتاب على 10 فصول بواقع 470 صفحة كتبها خبراء وأكاديميون من دول المنطقة، الكتاب أشار إلى أن البحر الأحمر يشهد تمظهرات متزايدة للتنافس العسكري والاقتصادي، ودعا إلى صياغة رؤية تعاونية بدلاً من استمرار الصراع.

آراء الخبراء

يؤكد خبراء أن البحر الأحمر لن يستقر إلا من خلال آلية إقليمية تشمل الدول المطلة عليه.

يرى آخرون أن تأمين باب المندب هو التحدي الأكبر، خصوصًا مع استمرار الحرب في اليمن.

محللون اقتصاديون يشيرون إلى أن أي اضطراب في البحر الأحمر يؤدي فورًا إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، ما يجعله مصلحة مشتركة للدول الكبرى.

خاتمة

يذكر أن البحر الأحمر بات اليوم ساحة مفتوحة للتنافس بين قوى كبرى وإقليمية، تتقاطع مصالحها عند هذا الشريان البحري الحيوي. ويظل السؤال الأبرز:

هل ستنجح دول المنطقة في تحويل البحر الأحمر إلى فضاء للتعاون والتنمية المشتركة، أم سيبقى مسرحًا لصراع النفوذ الدولي؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى