
كتبت – إيمان اشرف
مقدمة
اغرقت المياه قرية دلهمو فجأة، لتبتلع الأراضي الزراعية والمنازل الواقعة قرب مجرى نهر النيل، في مشهد يفضح هشاشة الاستعداد وكثرة الإهمال. وفي ظل هذا الواقع، يُطرح تساؤلٌ مهم هل كان من الممكن تفادي الكارثة
تفاصيل الحادثة
شهدت قرية دلهمو ارتفاعًا مفاجئًا في منسوب مياه نهر النيل، مما أدى إلى غمر مساحات واسعة من أراضي طرح النهر والمنازل المجاورة.
الأضرار اقتربت من تدمير الأراضي الزراعية، فتلفت المحاصيل التي كانت مزروعة قرب مجرى النهر، كما غمرت المياه بعض المنازل، خصوصًا تلك المبنية على الأراضي المنخفضة أو داخل الحرم المائي للنهر.
اتُّخذت إجراءات عاجلة من السلطات المحلية تطلب فيها من الأهالي إخلاء المنازل والأراضي المهددة بالغمر، وتحذيرات بوقف الأنشطة الزراعية في تلك المناطق لحين استقرار المنسوب.
بحسب البيان الصادر عن وزارة الموارد المائية والري، تم التأكيد على أن هذا الارتفاع في التصريف هو منسوب طبيعي للنهر في هذه الفترة، لكن الأمر تفاقم بسبب التعديات على مجرى النهر والردم الذي قلّص قدرته الاستيعابية.
كما توجهت الاتهامات إلى الجانب الإثيوبي، بأن فتح بوابات سد النهضة بشكل أحادي، ودون تنسيق مع مصر، ساهم في زيادة حجم المياه الواصلة إلى المصب، مما زاد الضغط على مجرى النيل في الأراضي المصرية
الأسباب والعوامل المساهمة
ارتفاع التصريف المائي
وزارة الري تشرح أن هذا الموسم يشهد تصريفًا طبيعيًا، لكن الكميات المفاجئة قد تؤدي إلى فيضان إذا تجاوزت قدرة مجرى النهر.
التعديات على مجرى النهر والردم
استُخدمت أراضٍ ومباني داخل الحرم المائي للنهر، مما قلّص المساحة المخصصة لتدفق المياه، فزاد الخطر على الأراضي المجاورة.
استيعاب النهر قد تراجعت من أكثر من 300 مليون متر مكعب يوميًا إلى نحو 80 مليون متر مكعب، بسبب التعديات المستمرة.
إدارة أحادية لسدّ النهضة الإثيوبي
تُحمّل السلطات المصرية الجانب الإثيوبي مسؤولية التصريف الأحادي والمفاجئ للبوابات، الأمر الذي فاقم تدفقات المياه الداخلة إلى مصر وزاد مخاطر الفيضانات.
العوامل المناخية والتغيرات البيئية
من حيث الطقس وأنماط الأمطار في منابع النهر، قد تتسبب تقلبات مناخية مفاجئة في زيادة الكميات المورّدة للنهر بشكل يفوق القدرة الطبيعية على التصريف.
الأضرار والتداعيات
الخسائر الزراعية
المحاصيل التي غمرتها المياه غالبًا ما تتلف أو تفقد قيمتها، بسبب التعفن أو تلف الجذور.
الخسائر المالية للمزارعين
نفقات إعادة الزراعة، إصلاح التربة، فقدان الإنتاج، كلها تشكّل عبئًا مادياً على الأهالي.
تأثير على الأمن الغذائي المحلي
في حال تكررت مثل هذه الفيضانات، قد تضر المحاصيل المنتجة محليًا وتزيد الاعتماد على الواردات.
الأضرار في البنية التحتية والمنازل
بعض المنازل قد تتعرض للتشققات أو انهيار جزئي، الطرق والمحليات قد تتضرر.
النزوح المؤقت
قد يضطر بعض السكان إلى مغادرة منازلهم مؤقتًا بحثًا عن ملاذ آمن.
الضغط النفسي والاجتماعي
الخسائر المادية والمعنوية تترك أثرها على الحالة النفسية للسكان، ومن الممكن أن تزيد من التوتر الاجتماعي.
الردود الرسمية والإجراءات المتخذة
السلطات المحلية طالبت بالإخلاء الفوري للمناطق المهددة.
تم توجيه تحذيرات بعدم استكمال الأنشطة الزراعية في الأراضي المهددة إلى أن تستقر الأوضاع.
الوزارة أصدرت بيانًا تؤكد فيه أن الارتفاع طبيعي، وأن التعديات على المجرى هي التي زادت الأضرار.
البيان الرسمي عن وزارة الموارد المائية والري لفت الانتباه إلى أن الإدارة الأحادية لسد النهضة دون تنسيق يمثل مخالفة للقانون الدولي وتهديدًا للأمن المائي المصري.
مصر سبق أن أكّدت أن الفيضانات في السودان مرتبطة بالإجراءات الإثيوبية، وأن هذه التصرفات قد تؤثر سلبًا على مصر.
خاتمة وتوصيات
لقد كشفت هذه الفيضانات في قرية دلهمو نقاط ضعف في إدارة الموارد المائية، وفي التنظيم العمراني حول مجرى النهر، إضافة إلى التأثيرات العابرة للحدود من خلال السدود في دول المنبع. ولتفادي تكرار مثل هذه الكوارث،
تشديد الرقابة على التعديات والردم داخل الحرم المائي للنهر، وإزالة أي مخالفات بشكل فوري.
تحسين التنسيق الإقليمي بين دول المنبع والمصب، خاصة في إدارة السدود وكيفية صرف المياه، لتفادي المفاجآت.
استحداث بنى تحتية مرنة لتصريف الفائض من المياه في الفترات الحرجة (قنوات طوارئ، مصارف إضافية).
تدريب السكان المحليين على خطط إخلاء سريعة والتأهب المائي في المواسم الحرجة.
دعم المزارعين الذين تضرروا ماليًا لتعويض الخسائر وتشجيع الزراعة المقاومة للمخاطر.
متابعة التغيرات المناخية وتوقعاتها، وربطها بإدارة التصريف في النهر مسبقًا لتقليل المفاجآت.