مصر في قلب الصراع الدولي بين الشرق والغرب
بين الشرق والغرب.. كيف تحافظ القاهرة على توازنها الاستراتيجي؟

تقرير – رحمة عماد
مقدمة
في عالم تتصارع فيه القوى الكبرى على النفوذ، تجد مصر نفسها داخل معادلة معقدة تحاول من خلالها الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي والاقتصادي، دون الانحياز لطرف واحد. فمنذ عقود كانت القاهرة تتبع سياسة “تنويع التحالفات”، لكنها اليوم تواجه تحديًا أكبر في ظل اشتداد المنافسة الأميركية–الصينية من جهة، والحرب الروسية–الأوكرانية من جهة أخرى.
من كامب ديفيد حتى اليوم.. شراكة لا تنكسر
تبقى الولايات المتحدة الشريك العسكري الأهم لمصر منذ توقيع اتفاقية “كامب ديفيد”، حيث تحصل القاهرة سنويًا على مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، إضافة إلى التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب.
توتر مكتوم بين القاهرة وواشنطن
ورغم ذلك تعاني تلك العلاقة من التوتر، فواشنطن تواصل الضغط على القاهرة في ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية، كما تستخدم المساعدات كورقة نفوذ. في المقابل، تحتاج الولايات المتحدة لمصر كوسيط رئيسي في قضايا الشرق الأوسط، خاصة الملف الفلسطيني والإسرائيلي، مما يجعل العلاقة متبادلة المصالح رغم حساسيتها.
موسكو والقاهرة.. مصالح متشابكة بين الدفاع والنووي
شهدت العلاقات المصرية–الروسية دفئًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، بدءًا من صفقات السلاح وتوسيع التعاون العسكري، وصولًا إلى مشروع محطة الضبعة النووية الذي يمثل حجر أساس للشراكة الاستراتيجية.
وتعد السياحة الروسية عنصرًا مهمًا لدعم الاقتصاد المصري، خاصةً في ظل أزمة العملة الأجنبية. غير أن الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية على موسكو قد تحد من قدرة روسيا على الالتزام بجميع تعهداتها، ما يضع القاهرة أمام معادلة دقيقة بين استمرار التعاون وعدم استعداء الغرب.
مصر وبكين.. شراكة اقتصادية تقلق واشنطن
الصين باتت عنصرًا اقتصاديًا محوريًا في مصر من خلال مبادرة “الحزام والطريق”، حيث استثمرت في مشروعات البنية التحتية، وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة.
وتوفر بكين التمويل والاستثمار دون شروط سياسية صارمة، وهو ما يمنحها ميزة مقارنة بالولايات المتحدة والمؤسسات الدولية. ومع ذلك، فإن توسع النفوذ الصيني يثير قلق واشنطن، التي تخشى من تحوّل مصر إلى بوابة كبرى للمصالح الصينية في الشرق الأوسط وإفريقيا، مما قد يعرض القاهرة لضغوط إضافية.
خاتمة
بين واشنطن وموسكو وبكين، تتحرك القاهرة في مسار دبلوماسي حذر يهدف إلى حماية مصالحها الوطنية وتثبيت دورها الإقليمي. ورغم نجاحها النسبي حتى الآن في تجنب الانحياز الكامل لأي طرف، فإن التحولات المتسارعة على الساحة الدولية قد تفرض على مصر يومًا قرارًا أصعب: إما الميل أكثر نحو الشرق، أو الاستمرار في الشراكة مع الغرب.