رياضة

من الملاعب إلى الجبهة.. أسرار دور كرة القدم في حرب أكتوبر

كرة القدم.. سلاح التمويه في نصر أكتوبر

أمنية السيد 

مقدمة

سطّر المصريون في السادس من أكتوبر 1973 ملحمة بطولية خالدة، لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل صفحة مضيئة في تاريخ الأمة، اجتمع فيها الشعب والجيش على قلب رجل واحد لاسترداد الأرض وصنع مستقبل مشرق، وفي خضم تلك الأحداث، لعبت كرة القدم دورًا خفيًا لكنه مؤثر، حيث كانت جزءًا من خطة التمويه الاستراتيجي التي ساعدت في تحقيق النصر.

الدوري المصري.. غطاء استراتيجي لخداع العدو

شهد موسم الدوري المصري لعام 1973 انتظامًا في مبارياته حتى بدا للجميع أن الحياة تسير بشكل طبيعي، إذ أرادت الدولة من خلال استمرار النشاط الكروي إرسال رسالة خادعة للعدو بأن مصر لا تُخطط لأي حرب، واستمر الدوري حتى الأسبوع الخامس، الذي انطلق يوم 5 أكتوبر، أي قبل يوم واحد فقط من بدء المعركة الكبرى.

إقرأ المزيد

مباراة وسط المعركة

وفي الوقت الذي كانت فيه القوات المصرية تخوض معركة العبور على قناة السويس، جرت مباراة غزل المحلة والطيران في الساعة الثانية والنصف ظهرًا، بعد نصف ساعة فقط من بدء العمليات العسكرية، ولم يكن اللاعبون يدركون أن زئير المدرجات لم يكن لأجل كرة القدم فقط، بل كان صدى لأصوات الشعب الذي سمع عبر “الراديو” البيان الأول للحرب، فهتف لجمهور الطيران تحيةً لدور قواته الجوية في الضربة الأولى.

قرار تاريخي بعد صافرة النهاية

انتهت المباراة بالتعادل السلبي، لكن نتيجتها لم تكن الأهم، إذ اجتمع اتحاد الكرة عقب اللقاء ليقرر إلغاء المسابقة الكروية والتفرغ لمعركة الوطن، ففتحت الأندية أبوابها لاستقبال الفدائيين والمقاتلين، ليتحول الملعب إلى جبهة دعم ومساندة للجيش المصري.

الكرة والجنود.. قصص من الميدان

لم يكن تأثير كرة القدم في حرب أكتوبر مقصورًا على التمويه واستمرار الدوري، بل امتد ليصبح جزءًا من ميادين القتال ذاتها، فقد شارك عدد من نجوم اللعبة في صفوف الجيش، مثل حمادة إمام نجم الزمالك الذي خاض الحرب كضابط حتى رتبة عقيد، ومحمود الجوهري الذي كان مقدمًا في سلاح الإشارة، والمعلق الرياضي محمود بكر الذي شارك كنقيب في سلاح الاستطلاع، إلى جانب أسماء بارزة أخرى مثل سمير زاهر، وفكري صالح، والشهيد عبده أبو حسين لاعب المصري البورسعيدي.

نجوم كرة القدم المشاركين في حرب أكتوبر

إقرأ المزيد

مواقف الأندية.. الملاعب تتحول إلى قواعد وطنية

لم تكن الأندية المصرية بمعزل عن ملحمة أكتوبر، بل لعبت دورًا داعمًا ووطنيًا في تلك الفترة، فقد حوّل النادي الأهلي ملاعبه ومرافقه إلى مراكز تدريب عسكرية لخدمة القوات المسلحة، وشارك في حملات التبرع لدعم الجبهة، كما لم تتأخر باقي الأندية عن أداء دورها الوطني، ففتحت أبوابها للتدريب والدعم الفدائي عقب قرار إلغاء الدوري، لتتحول البنى الرياضية إلى قواعد لوجستية ومعنوية تسهم في المعركة.

خاتمة

أثبتت كرة القدم المصرية في حرب أكتوبر أن الرياضة ليست مجرد لعبة، بل سلاح معنوي قادر على المساهمة في أعظم الانتصارات، وهكذا، يظل دوري 1973 عنوانًا خفيًا من عناوين النصر، ودليلًا على أن كل تفاصيل الحياة في مصر كانت مكرسة لعبور المجد في السادس من أكتوبر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى