أخبار

حرق قش الأرز.. خطر يهدد مرضى الربو وحساسية الصدر

حرق قش الأرز يهدد مرضى الحساسية والربو

تقرير: إنچى هشام 

مقدمة

يُعتبر شهر أكتوبر من أكثر الشهور خطورة على مرضى حساسية الصدر في مصر، إذ يشهد هذا الشهر زيادة حادة في معدلات التلوث الناتج عن حرق قش الأرز، هذه الأدخنة الكثيفة تُعرف باسم “السحابة السوداء” التي تغطي سماء القاهرة ومحافظات الدلتا، مسببة صعوبة شديدة في التنفس لمرضى الربو والسدة الرئوية، وتُعد هذه الظاهرة واحدة من أبرز المشكلات البيئية المتكررة كل عام، لما تسببه من أضرار صحية واقتصادية على المواطنين والدولة.

حجم المشكلة الصحية وتأثيرها على المرضى

أكد الدكتور عادل خطاب، أستاذ الأمراض الصدرية بكلية الطب – جامعة عين شمس، أن نسبة الإصابة بمرض الربو الشعبي في مصر تمثل نحو 10% بين الأطفال و7% بين الكبار، بينما تمثل السدة الرئوية المزمنة 4% من إجمالي عدد السكان، وتزداد معاناة هؤلاء المرضى خلال موسم حرق قش الأرز، حيث تتسبب الأدخنة المتصاعدة في تهيج الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى ضيق التنفس والكحة المستمرة، وقد تصل بعض الحالات إلى مرحلة تستدعي الدخول إلى العناية المركزة.

 

وأشار إلى أن هذه الأدخنة لا تقتصر على مكان الحرق فقط، بل تنتقل لمسافات قد تتجاوز مئات الكيلومترات، ما يجعل تأثيرها واسع النطاق، كما أن الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي هم الأكثر تأثرًا بها، مما يزيد من عدد حالات الطوارئ في المستشفيات خلال هذه الفترة.

لقراءة المزيد

الأضرار البيئية والاقتصادية الناتجة عن الحرق

أوضح الدكتور عادل خطاب أن حرق قش الأرز يعد مشكلة بيئية كبيرة تسهم في زيادة تلوث الهواء في مصر، فالدخان الناتج يحتوي على ملوثات وعوادم تضر بالصحة العامة، وتزيد من أعراض حساسية الأنف والجيوب الأنفية والربو الشعبي.

ولا تتوقف الأضرار عند الجانب الصحي فقط، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي، حيث يؤدي تفاقم هذه الأمراض إلى زيادة استهلاك الأدوية وارتفاع معدلات دخول المستشفيات والغياب عن العمل والمدارس، مما ينعكس سلبًا على الإنتاجية العامة والاقتصاد القومي، 

كما يساهم الحرق المتكرر كل عام في الإضرار بالبيئة بشكل دائم، إذ يطلق غازات ملوثة تساهم في تغير المناخ وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.

الإرشادات الوقائية لمرضى الحساسية والجهاز التنفسي

ينصح الأطباء مرضى الحساسية والربو والسدة الرئوية بتجنب الخروج من المنزل أثناء فترات انتشار الأدخنة، وخاصة في المساء عند تكون السحابة السوداء، وإذا كان الخروج ضروريًا، يُفضل ارتداء كمامة طبية أو وضع منديل مبلل بالماء على الأنف والفم لتقليل استنشاق الملوثات.

كما يجب الحرص على الانتظام في تناول الأدوية المقررة من الطبيب، وعدم التوقف عنها خلال هذه الفترة الحساسة، وعند الشعور بزيادة الأعراض، مثل ضيق التنفس أو الكحة الشديدة، يجب التوجه فورًا إلى الطبيب أو أقرب مستشفى.

ويُنصح أيضًا بإغلاق النوافذ أثناء فترات التلوث الشديد لتقليل دخول الأدخنة، وشرب السوائل الدافئة مثل الينسون والتيليو وورق الجوافة، لما لها من تأثير مهدئ للشعب الهوائية.

أهمية النظام الغذائي وتقوية المناعة

يؤكد الدكتور خالد مصيلحي، أستاذ العقاقير والنباتات الطبية بجامعة مصر الدولية، على أهمية الاستعداد الجيد لموسم حرق قش الأرز عن طريق تقوية الجهاز المناعي، ويمكن تحقيق ذلك بتناول ملعقة من عسل النحل الممزوج بزيت حبة البركة يوميًا، أو خليط من عصير الليمون والعسل والزنجبيل الذي يساعد على تطهير الجهاز التنفسي وتقوية المناعة.

كما يُنصح بتغيير النظام الغذائي في هذه الفترة بحيث تتكون الوجبات من 70% من الخضروات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة، لما تحتويه من مضادات أكسدة ومعادن وفيتامينات تساعد الجسم على التخلص من السموم ومقاومة الملوثات.

ومن أهم الأطعمة المفيدة خلال هذه الفترة: البروكلي، الفجل الأحمر، الليمون، البصل، والتفاح المطهو بالقرفة، إذ تعمل هذه الأطعمة على تنقية الجسم من السموم وتقوية الجهاز المناعي بفضل احتوائها على مواد كبريتية وفيتامين “ج”.

الأعشاب المفيدة لتنقية الجهاز التنفسي

تُعد الأعشاب الطبيعية من أفضل الوسائل المساعدة على تنقية الجهاز التنفسي من الملوثات الناتجة عن حرق قش الأرز.

من أبرز هذه الأعشاب: الزعتر، الينسون، الزنجبيل، أوراق الجوافة، التليو، والعرقسوس (مع تجنب استخدام العرقسوس لمرضى الضغط المرتفع)،تعمل هذه الأعشاب على طرد البلغم وتنشيط الأهداب الموجودة في الشعب الهوائية والتي تقوم بطرد الأجسام الغريبة.

ويُنصح بتحضيرها بطريقة صحيحة عبر نقعها في ماء مغلي لمدة عشر دقائق ثم تحليتها بعسل النحل قبل شربها، كما يُفضل عدم تناولها قبل النوم مباشرة لأنها قد تسبب زيادة بسيطة في السعال نتيجة طرد البلغم.

لقراءة المزيد من التفاصيل

كما يمكن استخدام الغرغرة بخليط من الشاي الأسود والزعتر والقرنفل لعلاج التهابات الحلق واللوزتين، مرتين يوميًا، إذ تحتوي هذه النباتات على مواد مضادة للأكسدة تقتل الميكروبات وتخفف الالتهابات.

التأثيرات العامة على الأعصاب والبشرة والعين

لا يقتصر تأثير الأدخنة الناتجة عن حرق قش الأرز على الجهاز التنفسي فقط، بل يمتد إلى الجهاز العصبي والبشرة والعينين أيضًا فخلال فترات تصاعد الأدخنة قد يعاني البعض من القلق والصداع والتوتر العصبي نتيجة استنشاق الغازات السامة، لذا يُنصح بشرب كميات كبيرة من الماء النقي (حوالي 4 لترات يوميًا) للحفاظ على ترطيب الجسم وتنقية الدم من السموم.

كما يمكن تناول مشروبات مهدئة مثل البابونج (الكاموميل)، مع الحذر من تناوله لمرضى الذين يتناولون أدوية سيولة الدم، لأن البابونج قد يزيد من تأثيرها، ويمكن استخدام زيت اللافندر المخفف بزيت اللوز كمهدئ طبيعي للأعصاب.

أما أصحاب البشرة الحساسة، فعليهم استخدام خليط طبيعي من العسل والخيار وزيت الزيتون والجلسرين أو جل الصبار لتلطيف الجلد وتقليل الالتهابات الناتجة عن التلوث.

وفي حالة التهاب العينين، يمكن وضع كمادات من شرائح الخيار أو الشاي الفاتر حول العينين، وإذا استمر الالتهاب أكثر من 24 ساعة يجب مراجعة الطبيب فورًا.

وينصح الأطباء بممارسة الرياضة في الصباح الباكر قبل عودة السحابة السوداء، لاستنشاق هواء نقي وتنشيط الجهاز التنفسي.

خاتمة

إن ظاهرة حرق قش الأرز ليست مجرد تصرف فردي من بعض المزارعين، بل كارثة بيئية وصحية متكررة تهدد حياة الآلاف من المواطنين سنويًا، لذلك، يجب على الجهات المسؤولة تطبيق القوانين المُشدَّدة على من يقوم بالحرق العشوائي، وتشجيع المزارعين على الاستفادة من قش الأرز في الصناعات الحيوية مثل السماد أو الورق أو الأعلاف،كما يجب تعزيز التوعية المجتمعية بخطورة هذه الظاهرة، وتكاتف الجميع لحماية البيئة وصحة الإنسان، حتى لا تظل السحابة السوداء تهدد سماء مصر عامًا بعد عام.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى