المسن بين الحقّ والحماية نصوص القانون ورقابة الواقع
من النصوص إلى الواقع.. كيف تُترجم حماية المسنين إلى أفعال

تقرير: إيمان أشرف
مقدمه
صدر قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024 ليصون كرامتهم ويكفل حمايتهم من الإهمال والإساءة. لكن النص القانوني يظل مجرد وعد إن لم يُترجم إلى واقع ملموس في حياة كبار السن.
المحاور الأساسية في الضوابط القانونية والتنظيمية
حرية الاختيار وعدم الاحتجاز القسري: حُظرت المادة 11 من قانون رعاية حقوق المسنين إجبار المسن على البقاء في مؤسسة رعاية ضد رغبته، ولا يجوز رفض طلب خروجه إذا صدر منه أو من ممثله القانوني أو من الوزارة المختصة.
الإعفاء من تكاليف الإقامة لمن لا معيل له: يُعفى المسن الذي لا يملك من يتحمّل الإعاشة في دور الرعاية، على أن تتكفل الوزارة المعنية بالمصاريف اللازمة وفقاً للشروط والإجراءات المنصوص عليها.
نسبة الإعفاء في إشغال الدور: ألزم القانون المؤسسات الاجتماعية لرعاية كبار السن بقبول نسبة 4 ٪ من النقل إلى الإقامة مجاناً للحالات التي تحيلها الوزارة، على أن يكون هناك على الأقل مسن واحد في كل مؤسسة من تلك الحالات.
آلية الإبلاغ عن التعديات وخط ساخن
تنص المادة 25 من القانون على ضرورة توفير آليات متعددة، ومنها خط ساخن لتلقي البلاغات المتعلقة بأي مخاطر تهدّد أمن وسلامة وصحة وكرامة المسن، مع ضمان استجابة سريعة من الجهات المختصة.
تعريف حالات الخطر والإساءة
يُعد المسن معرضاً للخطر إذا تعرّض لعزلة، إهمال، إساءة مادية أو لفظية، استغلال مالي، أو إذا كانت ظروف إقامته في مؤسسات الرعاية تعرضه للضرر.
الحقوق الكاملة للمسنين كمواطنين فاعلين
يكفل القانون للمسن المشاركة في الحياة الثقافية والسياسية، وحق تقديم الشكاوى، وحق أن يُعامل دون تمييز بسبب السن، مع التأكيد على أن المسن ليس مجرد متلقٍ للرعاية بل شريك في التنمية.
أبرز الممارسات والإجراءات التطبيقية على أرض الواقع
في يومهم العالمي، نفّذت وزارة الداخلية مبادرات لزيارة دور المسنين، وسّهلت الإجراءات في مكاتب الجوازات، وأرسلت مأموريات لاستخراج الوثائق للمسنين في أماكنهم.
وزارة التضامن أطلقت “برنامج كرامة” لدعم كبار السن مادياً، وقد استفاد منه نحو 545 ألف مسن حتى أكتوبر 2024.
في التقرير الصادر بمناسبة اليوم العالمي للمسنين 2025، أعلنت الوزارة عن زيارات تفقدية لدور الرعاية، أغلق بعضها لكونها غير مطابقة للضوابط، وتجهيز مراكز علاج طبيعي بتمويل من بنك ناصر الاجتماعي.
تصريحات لمسؤولين ذكرت أن القانون الجديد يُحوّل التعامل مع كبار السن من المنحى الخيري إلى المنحى الحقوقي، ويشمل إنشاء صندوق دعم ورعاية للمسنين، مع تمكينهم من تقديم الشكاوى والعقوبات لمن يخل باالضوابط.
نقطة القوة فرص التطوير / التحديات
وجود قانون شامل يضع الضوابط الأساسية لحقوق المسنين التأخر في إصدار اللائحة التنفيذية وتطبيقها في كافة الجهات.
آليات الإبلاغ وخط ساخن مكرّسة قانونياً ضعف الوعي في بعض دور الرعاية أو الإهمال في استقبال الشكاوى.
التزام الدولة بعدم إجبار المسن على البقاء بالقوة الرقابة الميدانية محدودة، وقد تتراخى في بعض المحافظات،تمويل مؤسسي (صندوق دعم المسنين) الحاجة إلى زيادة موارد الصندوق وضمان استدامتها.
تحويل النظرة إلى المسن كشريك فاعل مقاومة في بعض الثقافات المؤسسية أو العائلية التي ترى المسن عبئًا.
توصيات لضمان حماية أفضل وكرامة مستدامة
تسريع إصدار اللائحة التنفيذية للقانون وتحديد آليات واضحة للتنسيق بين الجهات المعنية.
تعزيز آليات الرقابة المستقلة وزيادة زيارات مفاجئة لدور الرعاية من جهات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.
تدريب العاملين في دور المسنين على المهارات النفسية والأخلاقية للتعامل مع كبار السن.
دمج المسنين في الأندية والأنشطة المجتمعية لإبقائهم فاعلين في المجتمع.
توسيع خط الإبلاغ ليشمل الوسائل الرقمية والتطبيقات، وضمان متابعته الفعلية.
توفير دعم مالي مستدام لصندوق رعاية المسنين ليغطي جميع الاحتياجات وليس مجرد الدعم المؤقت.
خاتمة
إنّ التشريعات الحديثة أرسَت قواعد واضحة لحماية كبار السن داخل دور الرعاية وخارجها، لكنها تحتاج أن تتحول إلى واقع يومي يعيه كل عامل قانوني وإداري ومؤسسة رعاية،لكي لا تبقى الحقوق شعاراتٍ على الورق، يجب أن ترتبط بثقافة مؤسسية وأخلاقية، ومساءلة حقيقية لمن يخالفها، وتشارك المجتمع المدني والإعلام في نشر الوعي حين تصبح كرامة المسن مبدأً لا يُساوم عليه، وحين تكون حمايته وتمكينه من الحقوق حقيقة يعيشها يوميًا، عندها نكون قد وفّينا له حقه في العيش الآمن والمشرف.