أخبار

بودرة الأطفال بين البراءة والاتهام: “جونسون آند جونسون” في قلب العاصفة من جديد

اتهامات متجددة تلاحق الشركة الأمريكية

تقرير: زينب حسن طلبه 

مقدمة

تتصاعد مجددًا الاتهامات ضد شركة جونسون آند جونسون الأمريكية، إحدى أضخم شركات الأدوية ومنتجات العناية الشخصية في العالم، بعد سلسلة جديدة من الدعاوى القضائية تتهمها بإخفاء مخاطر محتملة في بودرة الأطفال بالتلك، وتزعم القضايا أن هذه المنتجات كانت تحتوي على ألياف الأسبستوس، وهي مادة مسرطنة خطيرة، مما أدى إلى إصابة عدد من المستخدمين بسرطانات مختلفة، أبرزها سرطان المبيض.

إخفاء المخاطر وتعظيم الأرباح

تشير الدعوى إلى أن الشركة، بدلًا من تحذير المستهلكين من الأخطار، سعت إلى إخفائها لعقود طويلة للحفاظ على مبيعاتها، وتوضح الوثائق أن فريق التسويق بالشركة كان على علم بوجود ألياف مسببة للسرطان في التلك منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنه ركز في الحملات الإعلانية على “نقاء المنتج” و”لطافته على بشرة الأطفال”، وفي تسعينيات القرن الماضي، توجهت الإعلانات الأمريكية نحو النساء الأمريكيات من أصول أفريقية، فيما كشفت رسالة بريد إلكتروني داخلية عام 2008 عن مخاوف داخلية بشأن سلامة المنتج، وجاء فيها: “إن حقيقة أن التلك غير آمن للاستخدام على الأطفال أمر مقلق…”

لكن الشركة نفت أن يكون الحديث عن السرطان، مؤكدة أن النقاش كان حول خطر الاختناق فقط.

ضغوط على هيئة الغذاء والدواء الأمريكية

توضح الدعوى أن مسؤولي جونسون آند جونسون مارسوا ضغوطًا على هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) منذ أوائل السبعينيات لقبول معايير اختبار أقل صرامة، لتفادي رصد كميات صغيرة من الأسبستوس في منتجاتهم.

وتتهم الوثائق الشركة بأنها طالبت بالسماح بنسبة تلوث تصل إلى 1% من الأسبستوس، بحجة أن طرق الكشف الحساسة “غير ضرورية”، ما مكّنها من الاستمرار في الادعاء بأن منتجاتها نقية وآمنة.

قصص من الواقع: سيوبان رايان تحكي معاناتها

من بين المدعيات في القضية، سيوبان رايان (63 عامًا) من المملكة المتحدة، التي استخدمت بودرة الأطفال على مدار سنوات طويلة، تقول سيوبان لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): “استخدمته أمي، واستخدمته أنا مع أطفالي أيضًا، كانت رائحته جميلة وناعمة، ظننت أنني أفعل الأفضل لعائلتي، حتى اكتشفت أنني مصابة بسرطان المبيض في مرحلته الرابعة.”

تروي سيوبان أنها خضعت لثلاث جولات من العلاج الكيميائي وجراحة كبيرة في البطن، ولا تزال تكافح المرض الذي تعتقد أنه نتيجة مباشرة لاستخدام بودرة جونسون آند جونسون.

أحكام قضائية وغرامات مالية

في ولاية كونيتيكت الأمريكية، أصدرت محكمة مؤخرًا حكمًا بإلزام الشركة بدفع 25 مليون دولار لأحد المتضررين بعد إصابته بورم سرطاني نادر، إثر استخدامه المنتج طوال حياته،وخلال المحاكمة، أدلى أحد المديرين السابقين في الشركة بشهادة أكد فيها أنه تلقى نتائج اختبار تُظهر وجود الأسبستوس في المنتج لكنه لم يُبلّغ بها الإدارة، وأشار القاضي في الحكم إلى أن الشركة كانت على علم بوجود بدائل آمنة مثل نشا الذرة، لكنها استمرت في بيع منتجات التلك حتى عام 2020 في الولايات المتحدة، و2023 في المملكة المتحدة.

لقراءة المزيد من التفاصيل

رد الشركة: نثق في سلامة منتجاتنا

في المقابل، نفت شركة جونسون آند جونسون جميع الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة أن منتجاتها آمنة ومتوافقة مع المعايير التنظيمية الدولية، وفي بيان صادر عن شركة “كينفو” – الكيان الجديد المنفصل عن الشركة الأم – جاء فيه: “نتعاطف بشدة مع مرضى السرطان، لكن بودرة الأطفال من جونسون آند جونسون خضعت لعقود من الأبحاث المستقلة، ولم تُظهر أي دليل على احتوائها على الأسبستوس أو تسببها في السرطان.”

خاتمة

تتواصل القضايا ضد جونسون آند جونسون في عدد من الولايات الأمريكية ودول أخرى، في وقت تتشبث فيه الشركة ببراءتها، بينما يطالب الضحايا بكشف الحقيقة وتعويض المتضررين، وبين دفاع الشركة عن سمعتها وتزايد الأدلة والشهادات ضدها، تبقى قضية بودرة الأطفال واحدة من أبرز الملفات التي أثارت جدلاً واسعًا حول أخلاقيات الشركات الكبرى وسلامة المستهلكين حول العالم. 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى