أخبار

ويليام شكسبير.. عبقري الأدب الذي كتب لكل العصور

إرثه الأدبي ما زال يُدرّس ويُلهم الأجيال حول العالم

زينب حسن طلبه 

مقدمة

في تاريخ الأدب العالمي، يبرز اسم ويليام شكسبير كأحد أعظم الكتّاب الذين عبروا حدود الزمان والمكان، بعد أكثر من أربعة قرون على رحيله، ما تزال أعماله تُعرض على المسارح وتُدرّس في الجامعات، لأنها ببساطة تعبّر عن جوهر الإنسان: الحب، الغيرة، الطموح، الخيانة، والمصير، لقد كتب شكسبير عن كل ما يحرّك النفس البشرية، فخلّد نفسه في ذاكرة الأدب والدراما إلى الأبد.

بداية حياته ومسيرته

وُلد ويليام شكسبير عام 1564 في بلدة ستراتفورد أبون آفون بإنجلترا، وبدأ مسيرته الفنية في لندن كممثل وكاتب مسرحي في فرقة رجال اللورد تشامبرلين، التي أصبحت لاحقًا رجال الملك، ما بين عامي 1589 و1613 كتب أكثر من 37 مسرحية تنوعت بين المآسي والكوميديات والمسرحيات التاريخية، إضافة إلى 154 سوناتة شعرية تُعد من أرقى ما كتب في الشعر الإنجليزي، وفي عام 1623، جمع أصدقاؤه أعماله في مجلد «المطوية الأولى»، الذي حفظ إرثه الأدبي من الضياع وأكّد مكانته كأعظم كاتب مسرحي في التاريخ.

أعماله الخالدة

احتلت مسرحية “هاملت” مكانة خاصة في تاريخه الأدبي، إذ قدّم فيها شكسبير صراع العقل والضمير في أعمق صوره، من خلال الأمير الشاب الذي يواجه شبح والده المقتول ويبحث عن الحقيقة، أما “ماكبث” فترصد عواقب الطموح المفرط والجشع، حين يقود الطمع بطله إلى القتل والخيانة، وفي “روميو وجولييت”، كتب شكسبير أجمل قصة حب مأساوية في التاريخ، جمعت بين العاطفة والقدر، بينما تناول في “عطيل” مأساة الغيرة والخداع، مقدّمًا شخصية القائد النبيل الذي يُدمّره الشك، أما “حلم ليلة صيف” فتمتزج فيها الكوميديا بالخيال، في مغامرة ساحرة مليئة بالفوضى العاطفية، وتُظهر “السوناتات والقصائد الكاملة” الجانب العاطفي الرقيق في شخصيته الأدبية.

الشرق في أعماله

رغم أنه لم يزر الشرق، فإن صورته حضرت بقوة في مسرحياته، ففي “عطيل” يظهر القائد المغربي النبيل رمزًا للشجاعة والغيرة، بينما قدّم في “أنطوني وكليوباترا” صورة شاعرية لمصر باعتبارها أرض الجمال والسحر، كما أشار في “ماكبث” إلى «العطور العربية» رمزًا للندم الذي لا يُمحى، في دلالة على حضوره الواسع للثقافات الشرقية في خياله الأدبي.

عبقرية تتجاوز العصور

تتميز كتابات شكسبير بقدرتها على الغوص في النفس البشرية وتحليل مشاعرها المعقّدة، بلغة شعرية ثرية جعلت من كلماته أيقونات ثقافية، لقد تناول في أعماله قضايا لا يحدّها زمن مثل الصراع بين الخير والشر، والشك واليقين، والحب والموت، مما جعل نصوصه صالحة لكل عصر، ولهذا قال عنه الشاعر بن جونسون: “لم يكن شكسبير لهذا العصر، بل لكل العصور.”

أعمال شكسبير في الدراسات الجامعية

تُعَدّ قصائد وليم شكسبير وأعماله المسرحية من أهم المواد الأدبية والنقدية التي يدرسها طلاب تخصص اللغة الإنجليزية والباحثون في الدراسات العليا حول العالم، فلا يكاد يخلو منهج جامعي في الأدب أو النقد من نصوص شكسبير، سواء في لغتها الأصلية أو مترجمة ضمن تصنيف الأدب العالمي، كما تناولت العديد من الدراسات الفلسفية شخصياته وتحليلاته النفسية العميقة، ومُثّلت مسرحياته مئات المرات على المسارح العالمية، إضافة إلى اقتباس العديد من أفلام السينما من نصوصه الخالدة.

مسرحيات شكسبير المطلوبة في الجامعات البريطانية

عادةً ما تتضمن مناهج الأدب الإنجليزي في الجامعات البريطانية دراسة عدد من مسرحيات شكسبير التي تُعَدّ من أعمدة الدراما الكلاسيكية، ومن أبرز هذه الأعمال: هاملت، ماكبث، الملك لير، عطيل، روميو وجولييت، الليلة الثانية عشرة، حلم ليلة منتصف الصيف، العاصفة، يوليوس قيصر، وريتشارد الثالث.

لقراءة المزيد من التفاصيل

تُختار هذه المسرحيات لما تحمله من ثراء موضوعي وعمق أدبي كبير، فضلًا عن تأثيرها البالغ في تطور الأدب والدراما الإنجليزية، مع إمكانية اختلافها قليلًا من جامعة إلى أخرى تبعًا لتوجهات كل برنامج أكاديمي.

آدم كولمان يعود إلى بيروت ليُعلّم الطلاب فنون التواصل عبر شكسبير

عاد الممثل البريطاني آدم كولمان إلى الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت لتقديم ورش عمل مستوحاة من أعمال شكسبير، ركزت على تطوير مهارات التواصل ولغة الجسد لدى الطلاب، شارك في الورش أكثر من 350 طالبًا من المدارس والجامعات اللبنانية، حيث استخدم كولمان مشاهد من مسرحية روميو وجولييت لتوضيح تأثير الحركة والنبرة على التفاعل مع الجمهور، نُظمت الفعاليات بالتعاون بين الجامعة والمجلس الثقافي البريطاني، ضمن سلسلة ورش تهدف إلى تعزيز التواصل والثقة بالنفس عبر المسرح.

خاتمة

رحل شكسبير عام 1616، لكن إرثه الأدبي بقي خالدًا، يُقرأ ويُعاد تمثيله في كل بقاع الأرض، لقد كتب عن الإنسان كما هو، لا كما يجب أن يكون، فلامس وجدان كل من قرأه أو شاهده على المسرح، وحتى اليوم، ما تزال كلماته تُذكّر العالم بأن الأدب العظيم لا يموت، بل يعيش في قلب كل عصرٍ جديد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى