من الانفعال إلى الهدوء.. المدة التي يتعافى فيها الجسم بعد نوبة غضب
نوبات الغضب عاصفة داخلية تدمّر بهدوء

تقرير: إيمان أشرف
مقدّمة
في لحظة غضب، يتخيّل البعض أن ما يحدث هو مجرد انفجار عاطفي عابر يمرّ ويُنسى، لكن الواقع يقول غير ذلك — فـ نوبات الغضب قد تتحول إلى نمط متكرّر يقوض العلاقات، ويُرهق الجهاز العصبي، ويهدد الصحة النفسية والجسدية للفرد.
أولاً: كيف تنشأ نوبات الغضب؟
نوبة الغضب غالبًا ما تكون نتيجة شعورٍ مسبق مثل الإهانة أو الخوف أو الظلم أو فقدان السيطرة.
كما أن وجود محفّزات خارجية (مواقف، ضغوط، تفاعل اجتماعي) مع استعداد داخلي (أحاسيس، أفكار، ردّ تلقائي) يؤدي إلى نشوء النوبة.
مثلاً، الكبت أو القمع العاطفي لا يُفضيان دائمًا إلى نتائج أفضل؛ التفريغ العنيف أيضاً ليس الحل؛ والوعي بالمشاعر هو الخطوة الأولى.
ثانياً: الأعراض التي تدلّ على نوبة غضب على الأبواب
الشعور المفاجئ بالضيق تجاه الأشخاص أو البيئة المحيطة.
غضب سريع لمواقف لا تبدو بأنها تستدعي كل ذلك الانفعال.
تغيير في التفاعل الاجتماعي: عزلة فجائية أو فضول مفاجئ.
تذكّر مستمر لمواقف سيئة قديمة، واستحضارها يومياً.
استخدام ألفاظ جارحة أو غير معتادة في سلوكك.
هذه الأعراض تُعد ناقوس خطر — إذ تشير إلى أن الغضب لم يعد مجرد إنفعال بسيط.

ثالثاً: الأثر على الصحة النفسية والجسدية
الأثر الجسدي
نوبات الغضب القصيرة يمكن أن تؤثر مباشرة على القلب: زيادة معدل ضربات القلب، ارتفاع ضغط الدم، إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول.
الجسم يحتاج نحو 7 ساعات حتى تعود مستويات الكورتيزول إلى طبيعتها بعد نوبة شديدة، وخلالها قد يتعرض لضعف الهضم، انخفاض وظائف المخ، خلل في الغدة الدرقية.
الغضب المزمن يُضعف المناعة، ويزيد خطر الإصابة بأمراض قلبية، واضطرابات الجهاز الهضمي كالقولون العصبي أو ارتجاع المريء.
الأثر النفسي والاجتماعي
الغضب المستمر يرفع معدلات القلق والاكتئاب، ويُضعف التركيز والقدرة على اتخاذ القرارات.
يقلّل جودة العلاقات الاجتماعية، وقد يؤدي إلى العزلة أو النزاعات المستمرة مع المحيطين.
في الحالات التي يكون فيها الغضب علامة لمشكلة أعمق (مثل اضطراب ثنائي القطب) يجب الانتباه.

رابعاً: كيف تُدار نوبات الغضب؟ أدوات عملية
توقف للحظة وخذ نفسًا عميقًا ثلاث مرات.
عدّ إلى عشرة قبل الردّ.
إذا أمكن، غيّر مكانك أو امشِ قليلاً لتخليص التوتر.
استخدم عبارات داخلية مثل: «سأعود وأتحدث بهدوء».
بناء روتين يومي لتدوين ما يغضبك ولماذا، وممارسة تمارين التنفس صباحًا ومساءً.
خامساً: متى تحتاج إلى تدخل أو مساعدة؟
عندما تصبح نوبات الغضب متكرّرة وتؤثر سلبًا على علاقاتك أو عملك، أو تشعر بأنها خرجت من سيطرتك، فالتوجّه إلى مختص أو علاج سلوكي معرفي يُعد خطوة ضرورية.
كما أنه عندما يصاحبها أعراض مثل الانفجارات المتكرّرة لدى الأطفال، يمكن أن تكون مؤشّرة على اضطراب نفسي أعمق يحتاج لتقييم متخصص.
خاتمة
نوبات الغضب ليست مجرد لحظة غضب تمرّ؛ إنها إشارات تحذير من أن الوضع ربما تجاوز مجرد الانفعال العابر إلى نمط مُنهك نفسيًا وجسديًا. الوعي بالمحفّزات، معرفة الأعراض، تبنّي أدوات التحكم اليومية، ومتى يلزم التوجّه للمساعدة كلها عناصر تساعدك في استعادة السيطرة إلى حياتك. فإذا شعرت أن غضبك بات يفرض نفسه عليك، فإن اتخاذ خطوة نحو التغيير ليس ضعفًا بل استثمارًا في صحتك وعلاقاتك.
