تقرير:ريهام عسل
مقدمة
يرى مصمم الديكور الداخلي أنّ للألوان لها تأثيرًا مباشرًا قويا على مزاج الإنسان ومشاعره،فاللون يعد وسيلة للتواصل، يستخدم للتعبير عن طبيعة المكان و للتأثير في الحالة النفسية وترتبط بعض الألوان بارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل التمثيل الغذائي ، بينما قد تسبب ألوان أخرى إرهاقًا للعين ويطلق على دراسة هذا التأثير اسم “علم نفس الألوان” .
تأثير الألوان على نفسية الإنسان
في العصور القديمة استخدم الإنسان الألوان المستخرجة من بعض النباتات في الأعمال الفنية و التشكيلية والآثار والمباني، وكانت هذه الألوان تعكس ما يدور داخل الإنسان نفسيا ووجدانيًا ، فتصور مشاعره وقيمه وانتماءاته وميوله ومع مرور الزمن اكتسبت الألوان دلالات رمزية متنوعة كالحياة والموت والسعادة والرحمة وغيرها.
وفي العصر الحديث أثبتت العديد من الدراسات أنّ للألوان تأثيرًا واضحًا في الخلايا البشرية، إذ يحمل كل لون موجة ضوئية بطول مختلف، ويحدث كل طول موجي أثرا خاصًا على الجهاز العصبي والحالة النفسية.
و يتحدد هذا الأثر إيجاباً أو سلبًا تبعًا لعوامل متعددة، منها العوامل الفسيولوجية والنفسية، والبيئية والجغرافية والاجتماعية، إضافة إلى اختلاف الاذواق بين الأفراد.
سيكولوجية الألوان
أكدت الدراسات النفسية أنّ الألوان ليست مجرد موجات أو اهتزازات ضوئية، بل تمتلك قدرة عميقة على التأثير في النفس البشرية. فبعض الألوان يبعث مشاعر الراحة والحب والفرح والبهجة، بينما يثير بعضها الآخر مشاعر القلق والاضطراب و الحزن و النفور كما يظهر تأثير الألوان بوضوح في الحالة المزاجية والصحية للفرد؛ إذ استخدمت الألوان في العلاج منذ الحضارات القديمة مثل الفراعنة، والهند، والصين و غيرها من الحاضرات.
وفي العصر الحديث ظهرت مراكز غير حكومية متخصصة في العلاج بالألوان.
الألوان ومدلولاتها النفسية
نظرًا للأهمية النفسية التي تحملها الألوان وما تتركه من آثار إيجابية، أصبح استخدامها شائعا في مختلف مجالات الحياة؛ كالميادين والمساكن والمستشفيات والمؤسسات التعليمية. وقد اهتم العديد من العلماء بإجراء دراسات وبحوث تناولت دلالات الألوان ورمزيتها ، فظهرت تصنيفات مختلفة توضح مدلول كل لون على النحو الآتي:
اللون الأبيض
يرمز إلى النقاء والطهارة والفرح والسلام، ويُعد مفيدًا بشكل خاص للأطباء والعاملين في المجال الطبي لما يمنحه من شعور بالراحة والأمل والتفاؤل، ويساهم في تعزيز الشفاء لدى المرضى ويتميز الأبيض بقدرته على عكس جميع الألوان والموجات الضوئية، كما له تأثير فعّال في تهدئة الأعصاب واسترخائها، وقد ثبتت فاعليته في السجون والمصحات النفسية في تخفيف وتهدئة النوبات العصبية الحادة.
اللون الأسود
هو لون قاتم ومعتم لا يعكس أي موجة ضوئية ملونة تسقط عليه، بل يمتص جميع ألوان الطيف، ما يمنح الفرد شعورًا بالغموض. وغالبًا ما يرتبط الأسود بالكآبة، وقد يثير الخوف لدى الأشخاص الحساسين للظلام بسبب صفاته المعتمة. في كثير من الثقافات، يُستخدم الأسود كرمز للحداد والتعبير عن الحزن. ومع ذلك، يمكن استغلاله بشكل جميل في الفن عند دمجه مع اللون الأبيض، إذ يخلق تناقضًا بصريًا جذابًا يضفي تأثيرًا جماليًا، كما يشير البعض إلى دلالات أخرى للون الأسود، مثل الحنكة، والأمان، والكفاءة.
اللون الأحمر
اللون الأحمر يرمز إلى النار والدم والثورة، كما يدل على العواطف والمشاعر القوية. وهو يرتبط بالقوة والحيوية والنشاط والمثابرة، ويستخدم أيضًا للتعبير عن الغضب والخطر، كما في إشارات المرور الأحمر يعمل كمحفز للتنفس، ويرفع معدل نبضات القلب، ويعتبر لونًا ملفتًا يجذب الانتباه بسرعة، ويعد من أكثر الألوان دفئًا وحرارة.
اللون الأزرق
اللون الأزرق يرمز إلى السماء والبحر، ويعطي إحساسًا بالاتساع والراحة النفسية فهو لون هادئ وشفاف، يساعد على خلق أجواء من التأمل والاسترخاء، ويعزز الشعور بالهدوء. كما يرتبط الأزرق بالحكمة والصداقة، ويشترك مع اللون الأبيض في التعبير عن السلام والمحبة والتآلف، يعتبر الأزرق لونًا مفضلًا لدى النفس البشرية، لما له من تأثير في تهدئة الأعصاب، وخفض مستوى ضغط الدم وسرعة التنفس بشكل طبيعي.
خاتمه
في النهاية، تظهر قوة الألوان ليس فقط في جمالها البصري، بل في تأثيرها العميق على النفس البشرية، وفي قدرتها على التعبير عن المشاعر والهوية، فكل لون يحمل رسالة خاصة، ويترك أثرا فريداً على مزاجنا و صحتنا النفسية، ما يجعل دراسة الألوان واستخدامها بفهم أمرًا مهماً في حياتنا اليومية وفنوننا و محيطنا.
